اسم الکتاب : رسالة الغفران المؤلف : المعري، أبو العلاء الجزء : 1 صفحة : 203
قال: ثمّ من؟ قال: ثمّ حسبك بي إذا وضعت رجلاً على رجل، ثم عويت في آثار القوافي، كما يعوي الفصيل في آثار الإبل.
وقال الشاعر:
وجدت بني الجعراء قوماً أذلَّةً ... ومن لا يهنهم يمس وغداً مهضَّما
وأحمق من راعي ثمانين ترتعي ... يجنب السَّتار بقل روضٍ موسَّما
وتلك الثمانون، ألقي فيها الرَّيع إلى أن يصير قيراطها قنطاراً، ولا فتئ كلُّها معطاراً أي هو قريب من عطر، لا يعدم في صيامٍ ولا فطر، أوفر حظَّاً في المحمدة من التي ذكرها الحرَّاني السّلمي، أبو المحلمَّ عوف بن المحلم في قوله:
إنَّ الثّمانين، وبلِّغتها، ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
وبدَّلتني بالشَّطاط الخنا ... وكنت كالصَّعدة تحت السَّنان
لأن التي ذكرها تضعف، وهذه تنعش وتسعف، وتلك تجعل الرّجل بعد كونه كالقناة، كأنّه قوس في أيدي الحناة، وهذه تقيم الأود، وتسر الأسود. والبيت المنسوب إلى أبي العتريف معروف:
حبشي له ثمانون عيباً ... كسبته مهابة وجالا
ولعّله قد اجتاز في أرض الموصل، بالقرية التي تعرف بثمانين وهي قريبة من الجبل المعروف بالجوديِّ، فإن كانت ثمانون القرية وطن أناسٍ، فهذه تجري مجرى الوطن في الإيناس، كما قال:
الفقر في أوطاننا غربة، ... والمال في الغربة أوطان
لله درّ الذّهب من خليلٍ، فإنّه يفيء بظلٍّ ظليلٍ؛ وإن دفن لم يبال، ما هو كغيره بالٍ؛ أعطي نفيس المقدار، فما همَّ شرفه بانحدار؛ والدر إذا كسر ذهبت قيمته، ولم يحفظ إن تنحطم كريمته، وربَّ ذهب في سوار،
اسم الکتاب : رسالة الغفران المؤلف : المعري، أبو العلاء الجزء : 1 صفحة : 203