اسم الکتاب : رسالة الغفران المؤلف : المعري، أبو العلاء الجزء : 1 صفحة : 162
من حكاية ابن الرّومي التي حكاها النّاجم ما حكي عن امرأة من العرب أنّها قالت للأخرى: سمّاني أبي غاضبة، وإنمّا تلك نار ذات غضى، فالحمد لربيّ على ما قضى، وتزوجت من بني جمرة رجلاً أحرق، وما أمرق. أي لم يكثر مرقه وكان اسمه تورباً وإنمّا ذلك تراب، فشمتت بي الأتراب، وكان يدعى جندلة فمضضت عنده بالجندل، ولا شممت رائحة مندل، وكان اسم أمّه سوّارة فلم تزل تساورني في الخصام، ولا تنفعني بعصام.
فقالت الأخرى: لكن سّماني أبي صافية، فصفوت من كلِّ قذى، وجنّبت مواقع الأذى، وزوجّني في بني سعد بن بكر فبكرّ عليّ السعد، وأنجز لي الوعد. واسم زوجي مُحَاسِن، جزيَ الصّالحة، فقد حاسن وما لاسن، واسم أبيه وقاف، رعاه الله، فقد وقف عليَّ خيره، ولأكثر لديّ ميره، واسم أمّه راضية، رضيت أخلاقي، ولم تجنح إلى طلاقي.
وإذا كان الرّجل خثارماً، لم يزل في الكثكث آرما: إن رأى سمامةّ من الطير، حسبها من السّمام، أو حمامةّ فرق من الحمام، كما قال الطاّئي:
هنّ الحمام، فإن كسرت، عيافةًَ، ... من حائهنّ، فإنّهن حمام
وإن عرضت له خنساء من البشر، فإنّه لا يأمن من البشر، يقول: أخاف من رفيقٍ يخنس، وأمرٍ يدنس. وإن كانت الخنساء من الوحوش، نفر قلبه من الحوش، إنّ رآها سانحةً، هزّت من رعبه جانحة. يقول: قد ذهب أهل عقلٍ وافر، من أرباب المناسم وصحب الحافر، يتطيرون بالسنّيح، ويرهبون معه المنيح. وإن أتته بقدرٍ بارحة، عاين بها النجَّلاء الجارحة، يقول: ألم يك ذوو خيلٍ وسروج، يخشون الغائلة من البروج؟
اسم الکتاب : رسالة الغفران المؤلف : المعري، أبو العلاء الجزء : 1 صفحة : 162