اسم الکتاب : رسالة الغفران المؤلف : المعري، أبو العلاء الجزء : 1 صفحة : 138
أن الزمان عنده: مضي الليل والنهار. وقد تعلق عليه في هذه العبارة.
وقد حددته حداً ما أجدره أن يكون قد سبق إليه إلا أني لم أسمعه، وهو أن يقال: الزمان شيء أقل جزءٍ منه يشتمل على جميع المدركات، وهو في ذلك ضد المكان، لأن أقل جزءٍ منه لا يمكن أن يشتمل على شي كما تشتمل عليه الظروف، فأما الكون فلا بد من تشبثه بما قل وكثر.
والذين قالوا: " وما يهلكنا إلى الدهر " وغير ذلك من المقال، مثل البيت المنسوب إلى الأخطل، وذكره حبيب بن أوسٍ لشمعلة التغلبي، وهو:
فإن أمير المؤمنين وفعله ... لكالدهر لا عار بما فعل الدهر
وقول الآخر:
الدهر لاءم بين ألفتنا، ... وكذاك فرق بيننا الدهر
وقل أبي صخر:
عجبت لسعي الدهر بيني وبينها
فلما انقضى ما بيننا، سكن الدهر لم يدع أن أحداً منهم كان يقرب للأفلاك القرابين، ولا يزعم أنها تعقل، وإنما ذلك شيء يتوارثه الأمم في زمان بعد زمان.
شاتم الدهر
وكان في عبد القيس شاعر يقال له " شاتم الدهر "، وهو القائل:
ولما رأيت الدهر وعراً سبيله، ... وأبدى لنا وجهاً أزب مجدعا
وجبهة قرد كالشراك ضئيلة، ... وأنفاً، ولوى بالعثانين أخدعا
ذكرت الكرام الذاهبين أولي الندى ... وقلت لعمرو والحسام: ألا دعا
وأما غيظه على الزنادقة والملحدين فأجره الله عليه، كما أجره على الظمأ في طريق مكة، واصطلاء الشمس بعرفة، ومبيته بالمزدلقة. ولا ريب أنه ابتهل
اسم الکتاب : رسالة الغفران المؤلف : المعري، أبو العلاء الجزء : 1 صفحة : 138