اسم الکتاب : رسالة الغفران المؤلف : المعري، أبو العلاء الجزء : 1 صفحة : 127
المتناذر وجرجه، لكانت مقتة له أبلغ من مقة مهديّ ليلاه ولا أقول رؤبة أبيلاه. ولو أدرك محاضرة أبي الخطَّاب لكان بدوش عينيه أشدَّ شغفاً من الحادرة بسميَّة، ومن غيلان بميَّة لأنّه قال:
وعيان قال الله: كونا، فكانتا، فعولان بالألباب ما تفعل الخمر وهو بجلع أبي الحسن سعيد بن مسعدة، أعجب من كثيِّر بشنب عزَّة، والعذريِّ بلمى بثينة. ولو كان أبو عبيدة أذفر الفم، لما أمنت مع كلفه بالأخبار، أن يقبِّله شقَّ البلسة بلا استكبار، وفي الحديث عن عائشة، رحمة الله عليها: كان رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يقبِّلني شقَّ التينة. وروى بعضهم: شقَّ التمرة. وذلك أن يأخذ الشّفة العليا بيده، والسُّفلى بيده الأخرى، ويقبِّل ما بين الشفتين.
وأما من فقده من الأصدقاء لمّا دخل حلب، حرسها الله، فتلك عادة الزَّمن، ليس على لسالم بمؤتمن، يبدِّل من الأبيات المسكونة قبوراً، ولا يلحق بعثرة جبوراً. وإنَّ رمس الهالك لبيت الحقَّ، وإن طرق بالملمَّ الأشقّ. على أنّه يغني الثّاوي بعد عدمٍ، ويكفيه المؤونة مع القدم. وإنَّ الجسد لمن شرٍّ خبيءٍ، يبعد من سبيٍ وسبيء. قال الضّبيّ:
ولقد علمت بأن قصري حفرةٌ ... ما بعدها خوفٌ عليَّ ولا عدم
فأزور بيت الحقِّ زورة ماكث ... فعلام أحفل ما تقوَّض وانهدم؟
وما زالت العرب تسمّي القبر بيتاً، وإن كان المنتقل إليه ميتاً، قال الرّاجز:
اليوم يُبنى لدويد بيته ... يا ربَّ بيت حسبٍ بنيته
ومعصمٍ ذي برةٍ لويته ... لو كان للدّهر بلىً أبليته
اسم الکتاب : رسالة الغفران المؤلف : المعري، أبو العلاء الجزء : 1 صفحة : 127