اسم الکتاب : رسالة الغفران المؤلف : المعري، أبو العلاء الجزء : 1 صفحة : 118
كذلك أبداً سرمداً، ناعماً في الوقت المتطاول منعمَّاً، لا تجد الغير فيه مزعماً. وقد أطلت في هذا الفصل، ونعود الآن إلى الإجابة عن الرَّسالة: فهمت قوله: جعلني الله فداءه، لا يذهب به إلى النِّفاق، وبعد ابن آدم من الوفاق، وهذه غريزةٌ خصَّ بها الشيخ دون غيره، وتعايش العالم بخداع، وأضحوا من الكذب في إبداع. لو قالت شيرين الملكة لكسرى: جعلني الله فداءك في إقامة أو سرى، لخالبته في ذلك ونافقته، وإن راقته بالعطل ووافقته، على أنَّه أخذها من حالٍ دنيَّة، فجعلها في النُّعمى السَّنَّية، وعتبه في ذلك الاحبَّاء، وجرت لهم في ذلك قصصٌ وأنباءٌ، وقيل له، فيما ذكر، والله معالم بمن جدب أو شكر: كيف تطيب نفس الملك لهذه المومس، وهي الوالجة في المغمِّس؟ فضرب لهم المثل بالقدح، وإذا حظيت الغانية فليست بالمفتقرة إلى الصَّدح، جعل في الإناء الشَّعر والد؟ َّم، وقال للحاضر ولا ندم: أتجيب نفسك لشرب ما فيه؟ وإنَّما يجنح إلى تلافيه. إنَّها لا تطيب، وهي بالأنجاس قطيب.
فأراق ذلك الشيء وغسله، وهذَّب وعاءه ثمَّ عسله، وجعل فيه من بعد مداما، وعرضها على النَّدامى، فكلّهم بهش أن يشرب، ومن يعاف العاتقة والغرب؟ فقال: هذا مثل شيرين، فلا تكونوا في السَّفه مسيرين.
كم من شبل نافق أسدا، وأضمرا له غلاًّ وحسداً؟ ولبوءةٍ تداجي هرماساً، تنبذ إليه المقة وتبغض له لماساً؟ وضيغمٍ نقم على فرهود، وودَّ لو دفنه بالوهود؟ والفرهود ولد الأسد بلغة أسد شنوءة، وهو، آنس الله الإفليم بقربه، أجلُّ من أن يشرح له مثل ذلك، وإنَّما أفرق من وقوع هذه الرِّسالة في يد
اسم الکتاب : رسالة الغفران المؤلف : المعري، أبو العلاء الجزء : 1 صفحة : 118