responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ديوان المعاني المؤلف : العسكري، أبو هلال    الجزء : 1  صفحة : 142
المرء عند علمه وأفضل المروءة استبقاء الرجل ماء وجهه وأفضل المال ما قضيت منه الحقوق. ومن العجب أن العرب تمثلت في جميع الخصال بأقوام جعلوهم أعلى ما فيها فضربوا بها المثل إذا أرادوا المبالغة فقالوا أحلم من الأحنف ومن قيس بن عاصم وأجود من حاتم ومن كعب بن أمامة وأشجع من بسطام وأبين من سحبان وأرمى من ابن تقن وأعلم من دغفل، ولم يقولوا أعقل من فلان فلعلهم لم يستكملوا عقل أحد على حسب ما قال الأعرابي وقد قيل له حد لنا العقل فقال كيف أحده ولم أره كاملاً في أحد قط. ووصف بعضهم الحجاج بالعقل وعكس أمره آخر فوصفه بالحمق قال عتبة بن عبد الرحمن رأيت عقول الناس تتقارب إلا ما كان من عقل الحجاج بن يوسف وإياس بن معاوية، ثم قال أبو الصفدي كان الحجاج أحمق بني مدينته في بادية النبط ثم حماهم دخولها فلما رحل عنها دخلوها من قرب وقال يونس بن حبيب كان والله يفتق ولا يرتق ويخرق ولا يرفق وقال بعضهم ما دخل العراق أكثر أدباً من الحجاج فلما طال مكثه في ولايته واشتد في سلطانه وترك الناس الرد عليه فسد أدبه، وقال له عبد الملك إن الرجل لا يكون عاقلاً حتى يعرف نفسه وأمير المؤمنين يقسم عليك لتخبره، عن نفسك فقال أنا حديد حقود ذو قسوة حسود، فانتحل الشر بحذافيره وجمعه بزوبره. ومن العجب أنهم قالوا من عرف نفسه نجا وقد عرف الحجاج نفسه وهو هالك. وقالوا العاقل لا يخبر بعيب نفسه وقال بعضهم لا يعرف الرجل حقيقة ما اشتمل عليه من العيب كما أن آكل الثوم لا يجد رائحته من نفسه وقلت في ذلك:
(لو تم شئ من الدنيا لذي أدب ... لا نضاف مال إلى علمي وآدابي)
(قمَ جاهيَ عندَ الناسِ كلهم ... وطابَ عيشيَ في أهلي وأصحابي)
(عز الكمالُ فلا يحظى بهِ أحدٌ ... فكلُ خلقٍ وان لم يدرِ ذو عاب)
وقال إسماعيل بن غزوان كل علم لا يكون في مغرس عقل وبيان لا يكون في نصاب علم وخلق لا يجري على عرقه فليس له ثبات إذا احتيج إلى الثبات وقال أبو داود:

اسم الکتاب : ديوان المعاني المؤلف : العسكري، أبو هلال    الجزء : 1  صفحة : 142
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست