responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دراسات في الفن الصحفي المؤلف : إبراهيم إمام    الجزء : 1  صفحة : 171
الحقيقة فن يؤدي وظيفة أخرى مختلفة تماما عن فن المقال الأدبي؟ فإذا كانت الكتابة مضمونا وصياغة، فإن المقال الأدبي يضع الصياغة في المكان الأول، أما المقال الصحفي فإنه يهتم بالمضمون والفكرة التي يرمي إلى إيضاحها في يسر وجلاء. وإذا جاز لنا أن نشبه المقال الأدبي بلوحة زيتية متعددة الألوان، فإن المقال الصحفي صورة من اللونين الأبيض والأسود فقط، ولكنها تعبر عما تريد في وضوح وبساطة وقوة. بل إن المقال الصحفي أشبه شيء بفن الرسم الكاريكاتوري، الذي يعبر عن رأي ما في سرعة وسخرية، ولكن في قوة وحيويه، أما المقال الأدبي فهو صورة معبرة مليئة بالألوان. والواقع أن السرعة -وهي أهم مميزات الكتابة الصحفية- ليست هي المسئولية وحدها عن إخراج المقال الصحفي من حيز الأدب الخالد، إلى مجال الصحافة غير الخالد، بل السبب الأقوى هو أن المقال الأدبي يتصل بالأعماق البشرية، ومن هنا يمكن أن يكون أدبا عالميا يتجاوز الحدود المحلية والزمنية، في حين أن المقال الصحفي يرتبط بالأحداث الجارية والمشكلات الاجتماعية.

البيئة الأولى لفن المقال:
والحقيقة أن فن المقال الصحفي هو ثمرة للتقدم الحضاري، فهو بطبيعته لا يزكو إلا في بيئة يتكون فيها الرأي العام، ويتقدم فيها العمل السياسي، وتتصارع بها الآراء والاتجاهات، وينتشر فيها التعليم، وينهض الفنون، وتصبح الديمقراطية اتجاها مقبولا لدى الجميع، وينتقل التفكير من الذاتية والأسطورية إلى الواقعية والموضوعية.
فإذا نظرنا إلى فن المقال الأدبي نفسه لوجدنا أنه قد ظهر في بيئة ملائمة لنشأته، وجد فيها جوا صالحا للنمو والازدهار فمن الثابت أن فن المقال قد رأى النور في عصر النهضة الأوروبية[1]، حين كانت أوروبا تزيح عن كاهلها كابوس العصور الوسطى، بما فيها من تعصب ديني وضيق أفق وجهل مطبق. وقد

[1] RENAISSANCE.
اسم الکتاب : دراسات في الفن الصحفي المؤلف : إبراهيم إمام    الجزء : 1  صفحة : 171
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست