responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى    الجزء : 1  صفحة : 354
يهيئ العبارة لإيقاع -لم نجد- على صريح لفظ المثل أي، فلم نجد مثلًا لك في السؤدد والمجد والمكارم، ولو قال: قد طلبنا مثلا لكان سبيله أن يقول بعده: فلم نجده، وهو لا يريد هذا، أي لا يريد إيقاع نفي الوجود صراحة على لفظ مثل لا على ضميره، وفرق بين أن يقع الفعل على صريح اللفظ، وأن يقع على ضميره، وقد أشرنا إلى ذلك، وشيء آخر نجده في حذف مفعول طلبنا هو تحاشي أن يواجه صاحبه بأنه طلب له نظيرا مواجهة ترى اللفظ فيها صريحا يجهر بهذا المعنى، وإنما أشار إليه خلسا وهمسا، ولم يمد فيه القول، وكأنه يريد أن يطويه سريعا ليصل إلى محض المدح، وهو: فلم نجد لك مثلا، وفي هذا ما ترى.
ومما هو ناظر إلى هذا الباب من الصنعة قول ذي الرمة: "من الوافر"
ولم أمدح لأرضيه بشعري ... لئيما أن يكون أصاب مالا
أراد أنه ينزه شعره عن مدح اللئام فهو لا يمدحهم، فأعمل نفي المدح في لفظ اللئيم وأعمل الإرضاء في ضميره، وحسن هذا أن الإرضاء هنا علة المديح، وتابع له فكان بالضمير أولى.
ولو قال الشاعر: ولم أمدح لأرضي لئيما كما قال البحتري: طلبنا فلم نجد مثلًا، لكان غير بر بمعناه وكأنه يفيد أنه ينفي عن نفسه إرضاء اللئام، وأن ذلك مقصده الأهم، ولكن الشاعر لا يريد ذلك، وإنما يريد أن ينفي عن نفسه مدح اللئام، فهو رأس معناه في البيت، وذلك ليوقع في نفس بلال بن أبي بردة الذي يمدحه بهذه الأبيات أن ما يسمعه من إنشاد لا يعرف إلا ساحة الكرام، وأنه ليس موكلا إلا بهم.
ولله در كل حر لا يسوق الكلمة الشريفة إلا للنفس الشريفة، وترى الكلمة الحرة في ساحة الأحرار طالقة بهية.
وليس في البيت حذف، وإنما يذكر في كتب القوم لبيان الصنعة، والتصرف في

اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى    الجزء : 1  صفحة : 354
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست