اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 342
فقط، وإنما قصدت إلى أن تفيد وقوع الفعل على مفعول معين، فقد تعين ذكر المفعول أو تقديره، وهو عندنا ليس فضلة وإنما هو جل الغرض، والقصد من الكلام، يقول عبد القاهر: "قد يذكر الفعل كثيرا، والغرض منه ذكر المفعول مثاله أنك تقول: أضربت زيدًا؟ وأنت لا تنكر أن يكون كان من المخاطب ضرب، وإنما تنكر أن يكون وقع منه ضرب على زيد، وأن يستجيز ذلك، أو يستطيعه".
وخلاصة هذا أن تعرف الفرق بين قولك: وقع ضرب، أو كان إعطاء، وقولك: أعطى محمد، وقولك: أعطى محمد الذهب، ولكل جملة من هذه الجمل معنى محدد، وغرض معين ومقام مختص بها، لا تفيد واحدة منها معنى الاخرى ولا تصلح مكانها، وإذا عرفت هذا -وهو واضح- فاعلم أن إيراد الفعل المتعدي من غير مفعول يقع في الكلام على طريقين:
الأول: أن يكون الغرض إثبات المعنى في نفسه للفاعل من غير نظر إلى شيء وراء ذلك كقولك: محمد يعطي، والغرض إثبات الإعطاء فعلا له من غير نظر إلى كونه يعطي قليلًا أو كثيرًا، ذهبا أو فضة، يعطي أصدقاءه أو أهله، لا تنظر إلى شيء من هذا، ولا تريده، وإنما تريد إثبات الإعطاء له، فإذا ذكرت شيئا من هذا، فقد يتوهم أنك تريد أنه يعطي القليل، أو الكثير، إلى آخر ما يمكن أن يقع عليه الفعل، وليس شيء منه داخلًا في غرضك، وإنما غرضك أن يعطي فقط، وفي هذا الضرب ينزل الفعل المتعدي منزلة اللازم، فلا ينظر فيه إلى مفعول، ولا يلتفت إليه ولا يخطر بالبال ولا يقدر، إذا المقدر كالمذكور.
ومما جاء على طريقته قوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى، وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا} [1]، وقوله: {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} [2]، قال [1] النجم: 43، 44. [2] النجم: 48.
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 342