responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى    الجزء : 1  صفحة : 334
من أصله، ويجلي حقائق الرسالة، وصدقها تجلية كاشفة، فوقوع الريب منكم لا ينبغي أن يكون إلا على سبيل الغرض كما يفرض المحال.
وقد ذكر البلاغيون في هذه الآية أنه من الممكن أن يتكون من باب التغليب، أي تغليب غير المتصف بالريب من المخاطبين على المتصف به منهم، فإنه كان في الكفار من يعرف الحق وينكره عنادا، واعترض على هذا بأنه جمع بين مرتاب يقينا وغير مرتاب يقينا، وكلاهما لا يصلح موقعا لـ"إن"؛ لأنها إنما تكون في غير المقطوع به لا في المقطوع بعدمه.
وقد استطرد البلاغيون في حديث التغليب لهذه الملابسة، وذكروا أنه "إعطاء أحد المتصاحبين، أو المتشابهين حكم الآخر بجعله موافقا له في الهيئة أو المادة"، فالأولى كقوله تعالى: {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [1]، والأصل كانت من القانتات، فغلب الذكور على الإناث، وصار القانتون في الآية يشمل القانتات والقانتين، والثاني أي جعله موافقا له في المادة قولهم: الأبوين للأب والأم إلا أن الأب غلب على الأم، وصار لفظ الأم موافقا له في المادة، فقيل: الأبوين كما قيل: العمرين لأبي بكر وعمر، والقمرين للشمس والقمر.
وقد جاءت آيات كثيرة على طريقة التغليب، انظر إلى قوله تعالى: {لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [2]، ولم يكن شعيب عليه السلام في ملتهم، وخرج منها حتى يطلق على دخوله فيها عود، ولكنهم أدخلوه معهم بحكم التغليب، ومثله قول شعيب عليه السلام: {إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا} [3].
هذا، وللعرب مسالك دقيقة في هذا الباب تكشف صورًا من إدراكهم للأشياء، فتغليب المذكر على المؤنث ناشئ من اعتقادهم الحسن في الذكور، وتراهم إذا جمعوا اليوم، والليلة غلبوا التأنيث على التذكير فيقولون: مضى

[1] التحريم: 12.
[2] الأعراف: 88.
[3] الأعراف: 89.
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى    الجزء : 1  صفحة : 334
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست