responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى    الجزء : 1  صفحة : 324
مس الشر؛ لأن المراد مسا لإنسان الذي إذا أنعم الله عليه أعرض، ونأى باجنبه أي أعرض عن شكر الله وذهب بنفسه، ومثله بحق أن يكون تكبر، ومثله بحق أن يكون ابتلاؤه بالشر مقطوعًا به.
وقال عبد الرحمن بن حسان يخاطب بعض الولاة، وقد سأله حاجة، فلم يقضها:
ذممت ولم تحمد وأدركت حاجتي ... تولى سواكم أجرها واصطناعها
أبى لك كسب الحمد رأي مقصر ... ونفس أضاق الله بالخير باعها
إذا هي حثته على الخير مرة ... عصاها وإن همت بشر أطاعها
واضح أن الشاعر يذم الرجل ويهجوه هجاء صريحًا، ويذكر رأيه المقصر ونفسه الضائقة بالخير، وقوله: إذا هي حثته على الخير مرة، يفيد: أن حث نفسه على الخير أم مقطوع به، وقوله: وإن همت بشر يفيد: أن همها بالشر أمر نادر، والنفس التي تحدث على الخير قطعا، وتهم بالشر نادرًا نفس ممدوحة محمودة، فكيف يتفق هذا مع سياق الذم، وتصريحه بأن نفسه أضاق الله بالخير باعها، ولو قال: إن هي حثته على الخير مرة عصاها، وإذا همت بشر أطاعها لاستقام المعنى، ولذلك قال الزمخشري رحمه الله: وللجهل بموقع إن وإذا يزيغ كثير من الخاصة عن الصواب فيغلطون، ألا ترى إلى عبد الرحمن بن حسان كيف أخطأ بهما الموقع.. ثم ذكر القطعة والأبيات، وقال: لو عكس لأصاب.
وقد سمعت من بعض شيوخنا أن ابن حسان أعلم بطبائع اللغة من البلاغيين، وأن الزمخشري مع سعة ذرعه لم يتنبه إلى قوله مرة: ومهما كانت النفس قد أضاق الله بالخير باعها، فإن حثها على الخير مرة أمر متوقع؛ لأن الله ألهمها فجورها وتقواها، وهو كلام واقع.
وترى في الشعر المطبوع الذي يقوم على الخبرة العميقة لطائبع الكلمات، ودقيق دلالاتها ترى فيه هاتين الأداتين، ووراءهما إشارات لطيفة.

اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى    الجزء : 1  صفحة : 324
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست