اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 307
ترى المسند المقصور في ذلك كله مفيدا بقيد، فالمقصور في الأول حمل الثقل المهمأي الأمر الثقيل الذي يبعث الهمة وينهضها لمعالجته، والفوادح جمع فادحة، وهم يقولون: فدحت ظهره الأثقال أي آضته وأثقلته، والمقصود في الناس هو جبر العظم الكسير من الأحداث التي تميل الناس، وتجذبهم جذبا عنيفا، والهصر في كلامهم يفيد الجذب والإمالة، ومنه سمي الأسد هصورا؛ لأنه يميل فريسته بشدة، والممانح هي الناقة الحلوب، ومانحت العين ممانحة إذا سالت دموعها لم تنقطع، وقد أرادت النوائب التي تتوافد توافد لا ينقطع، والمقصود في البيت الثالث هو هبة المائة الهجان أي البيض الكرام، والخناذيذ من الخيل جيادها ومن الإبل فحولها، والمقصود في البيت الرابع هو مغفرة الذنب العظيم للقريب والمعاهد، والممالح مأخوذ من الملح، وكأن المعاهد قد صارت بينك وبينه حرمة المؤاكلة وذمامها، والعرب تعظم أمر الملح، ويقولون: فلان ملحه على ركبتيه إذا كان مضيعا لعهده، وملحه في يمينه إذا كان بضد ذلك.
وقد يفيد تعريف المسند تقريره للمسند إليه، وبيان أن ثبوته له أمر مقرر لا يشك فيه أحد، وأنه ظاهر ظهورًا لا يخفى، وذلك كقول حسان: "من الطويل"
وإن سنام المجد من آل هاشم ... بنو بنت مخزوم ووالدك العبد
أراد أن يقرر صفة العبودية لوالده، ويثبتها له ثم يجعله ظاهر الأمر في العبودية ومعروفا بها، قال عبد القاهر: "ولو قال: ووالدك عبد لم يكن قد قد جعل حاله في العبودية حاله في العبودية حالة ظاهرة متعارفة"، ومعلوم أن حسان لم يقصد قصر العبودية على والده حقيقة، ولا ادعاء وإنما أراد ظهور أمره في العبودية أي، ووالدك العبد الذي عرف الناس جميعا أنه عبد، وأما سنام المجد وذراه، فهو لبني هاشم بني بنت مخزوم أراد عبد الله بن عبد المطلب.
ومثله قوله الخنساء: "من الوافر"
إذا قبح البكاء على قتيل ... رأيت بكاءك الحسن الجميلا
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 307