اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 259
وتنبيه، ويكون ذلك عند مقطع مهم من مقاطع المعنى، وهذا يعني هنا أن إنكار هذه الفرية أمر مهم، ومحتاج إلى أن تتهيأ القلوب لتسمع من الحق رده وإبطاله، ثم هو مجابهة لهم ببطالهم، ورمى به في وجوههم.
ومنه قول تأبط شرا في مطلع مفضليته: "من البسيط"
يا عيد مالك من شوق وإيراق ... ومر طيف على الأهوال طراق
يسري على الأين والحيات محتفيا ... نفسي فداؤك من سار على ساق
قالوا: العيد ما اعتادك من حزن وشوق، قوله: مالك أي ما أعظمك، والإيراق مصدر آرقه يورقه من الأرق، والأين نوع من الحيات أو الإعياء.
وشاهدنا قوله: نفسي فداؤك، فقد توجه الأسلوب إلى مخاطب، وكان يجري على طريقة الغائب كأنه يروي أوصافا جديرة بأن تحكي هي أوصاف هذا الفتى الجسور الذي يمر على الأهوال مر الطيف، والذي يسري على الإعياء والحيات محتفيا، وكأن هذه القدرات في هذا الفتى استجاشت الشاعر، وهو جد ولوع بها، على أن يقبل عليه يخاطبه ويفديه، وواضح أنه يريد نفسه في الحالين.
ومنه قوله أبي الأعور سعيد بن زيد بن عمر بن نفيل: "من الخفيف"
تلك عرساي تنطقان على عمـ ... ـد لي اليوم قول زور وهتر
سألتاني الطلاق أن رأتا ما ... لي قليلا قد جئتماني بنكر
انظر كيف أحضرهما خيال الشاعر لما أحماه سوء الصنيع حيث تنكرت له صاحبتاه لما افتقر، وسألتاه الطلاق، انظر كيف أحضرهما ليقذف في وجهيهما بهذه الإدانة الساخطة "قد جئتماني بنكر".
وهذه هي صور الالتفات وشواهدها، وقد رأينا أن مزيته البلاغية تختلف من أسلوب إلى أسلوب، ولا يمكن أن نضبطه ونحدد مزاياه، والمهم في إدراكه هو حسن التأتي، وصدق النظر، والوعي بسياق الكلام ونوع المعنى، نعم هناك فائدة عامة لهذه الخصوصية تتحقق أينما وجدت، وقد أحسن الزمخشري
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 259