اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 253
الأوصاف المذكورة بعده: {النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ} [1]، وهي أوصاف مهمة في السياق؛ لأنها تحدث على الإيمان به، وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى تصديقه، لا لذاته ولكن لهذه الأوصاف، أي كونه رسولا أميا، وهذه الأوصاف تتضمن نوعا من البرهان على رسالته؛ لأن ما يخبرهم به من وحي السماء، وليس من معارفه المحصلة بالقراءة.
ومثله من الشعر وهو كثير، قول الحصين بن الحمام في مفضليته: "من الطويل"
وأنجين من أبقين منا بخطة ... من العذر لم يدنس وإن كان مؤلما
أبى لابن سلمى أنه غير خالد ... ملاقي المنايا أي صرف تيمما
فلست بمبتاع الحياة بسبة ... ولا مبتغ من رهبة العيش سلما
والبيت الأول يصف خيلهم، وقد نجت من بقى منهم في معركتهم الظافرة يوم دارة موضوع -وكان لهم على بني سعد بن ذبيان- وقوله: بخطة من العذر أراد من بقي منهم، ولم يقتل في هذا الحرب، فقد أبلى بلاء يعذر فيه، فلا يلام على بقائه، فلم يدنس وإن كان مؤلما من جراحه.
قال: أبى لابن سلمى وهو يريد نفسه، وكان قد ذكرها بضمير جماعة المتكلمين في قوله: من أبقين منا، ولكنه نقل الحديث إلى الغيبة ليخيل بذلك أنه يحدثنا عن فارس همام، ويروي لنا قصة شجاعته العجيبة، ثم رجع إلى نفسه، واستمر الحديث عنها في البيت الثالث: فلست بمبتاع الحياة، وطريقة التكلم فيه هي التي تتسع لفيض شعوره، واعتزازه بفضائله، ولو تابعت متصرفات الضمير في القصيدة وكيف ينتقل، أو يلتفت كما يقول ابن الأثير، ونظرت في مقاطع المعاني التي يلتفت عندها، ودرست ذلك لوجدت بابا من أبواب فقه الصنعة لا يزال في مهجعه من الشعر صامتا لم ينطقه أحد بعد. [1] الأعراف: 158.
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 253