اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 216
زمن طويل مع هذه المراقبة ومع إشفاق الشاعر، وكأنه قد شهل عن نفسه، وعن الرقباء، ووراء هذا أن محاسنها قيد الجفون، أو أنها تزيده حسنا إذا ما زادها نظر، وكما يقول ابن أبي أمية الكاتب:
أراك فلا أرد الطرف كيلا ... يكون حجاب رؤيتك الجفون
وقد يفيد التنكير معنى الكثرة كقول العرب: "إن له إبلا وإن له لغنما" يريدون بذلك: الكثرة.
وقد يفيد التنكير معنى التقليل، ومنه قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} [1]، فالتنكير في رضوان يفيد التقليل؛ لأن المعنى وقليل من رضوان الله أكبر من كل نعيم، وهذا يلحظ في معنى هذا التنيكر؛ لأن القليل من الله كثير وكثير، وانظر إلى كلام البلاغيين في بيان سر التعريف، والتنكير في قوله تعالى في قصة يحيى عليه السلام: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ} [2]، وفي قوله تعالى في قصة سيدنا عيسى عليه السلام: {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ} [3]، قالوا: إن تنكير السلام في قصة يحيى عليه السلام؛ لأنه وارد من جهة الله تعالى، أي سلام من جهة الله مغن عن كل تحية، ولهذا لم يرد السلام من جهة الله إلا منكرًا كقوله تعالى: {سَلَامٌ {قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [4]، وقوله: {اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا} [5]، وقوله: {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ} [6]، وقوله: {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} [7]، وأما تعريف السلام في قصة عيسى عليه السلام؛ لأنه ليس واردًا على جهة التحية من الله تعالى، وإنما هو حاصل من جهة نفسه، [1] التوبة: 72. [2] مريم: 15. [3] مريم: 33. [4] يس: 58. [5] هود: 48. [6] الصافات: 79. [7] الصافات: 130.
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 216