اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 183
ثم إنهم يتجاوزون حب الأسماء إلى حب ما شابه الأسماء، أو كان منها مدانيا، يقول قيس:
أحب من الأسماء ما وافق اسمها ... وأشبهه أو كان منه مدانيا
وقد فسر قيس، وذو الرمة السر البلاغي في تكرار أسماء الصواحب، وهو كثير في الشعر، وكأنه مذهب.
انظر إلى قوله النابغة: "من البسيط"
عوجوا فحيوا لنعم دمنة الدار ... ماذا تحيون من نؤي وأحجار
أقوى وأقفر من نعم وغيره ... هوج الرياح بهابي الترب موار
وقد أكون ونعما لاهيين بها ... والدهر والعيش لم يهمم بأمرار
أيام تخبرني نعم وأخبرها ... ما أكتم الناس من حاجي وأسرار
تردد ذكر نعم كما ترى، وكأنه كان يرى نعما في كل زاوية من زوايا الطلل، ومع كل أثر من آثاره، فذكرها في كل بيت حتى يراها القارئ في قصيد الطلل، وكان النابغة في الشعر كأنه محدث.
ويدخل في هذا الباب ما يكون في الرثاء من تردد ذكر المرثي، انظر إلى قول الخنساء: "من البسيط"
وإن صخرا لكافينا وسيدنا ... وإن صخرا إذا نشتو لنحار
وإن صخرا لتأتم الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار
تجد الشاعرة تذكر صخرا، وتردد اسمه وكان يمكنها، أو تكتفي في الشطر الثاني بقولها وإنه، وكذلك في البيت الثاني، إلا أن تعلق نفسها بأخيها يجعل تردد ذكر الاسم شيئا حبيبا إليها، ووسيلة من وسائل سلواها، وهو أيضا مظهر من مظاهر تعلقها بصخر وتشبثها به.
وأمثله ذلك في باب الثراء كثيرة جدًّا، وليس الذكر مقصورًا على اسم
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 183