اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 170
ومن هذا الباب قول متمم بن نويرة في رثاء أخيه مالك من قصيدته: "من الطويل".
أرقت ونام الأخلياء وهاجني ... مع الليل هم في الفؤاد وجيع
قال متمم:
إذا رقأت عيناي ذكرني به ... حمام تنادى في الغصون وقوع
دعون هديلا فاختزنت لمالك ... وفي الصدر من وجد عليه صدوع
كأن لم أجالسه ولم أمس ليلة ... أراه ولم يصبح ونحن جميع
فتى لم يعش يوما بذم ولم يزل ... حواليه مما يجتديه ربوع
وقوله: رقأت عيناني أي: ذهب دمعها، قالوا: أرقأت دمعه أي كففته، وأرقأت دمعه أي حقنته، وقوله: تنادى في الغصون، أين نادى بعضه بعضا، وفيه أن الجو امتلأ تناديا وحنينا، والوقوع بضم الأول والثاني وصف لقوله حمام، والطير إذا كانت على شجر، أو أرض فهن وقوع، والهديل الذي يذكر في سياق إهاجة الأحزان له قصة طريفة ترويها أسطورة أشار إليها بعض الشعراء، فقد ذكروا أنه فرخ كان على عهد نوح عليه السلام، فمات ضيعة وعطشا، فكل حمامة تبكيه، وقد أشار نصيب إلى هذه الخرافة البليغة في قوله: "من الطويل"
فقلت أتبكي ذات طوق تذكرت ... هديلا وقد أودى وما كان تبع
وقوله: وقد أودى وما كان تبع أي: هلك هذا الهديل قبل قوم تبع.
وقول متمم: دعون هديلا فيه إشارة إلى هذا القصة، وهي ذات مغزى نفسي كبير في سياق رثاثة، فالحمام يدعو هديلا مغيبا لا يجيب، وكذلك متمم.
والشاهد جاء في قوله: فتى لم يعش؛ لأنه أراد هو فتى، ولكنه حذف
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 170