responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى    الجزء : 1  صفحة : 164
وإنما يقرر أن تلك طريقة جارية عندهم، وعبارته تدل على لزوم الحذف في هذا السياق؛ لأنه يقول: وهذه طريقة مستمرة لهم إذا ذكروا الديار والمنازل.
وقد يقال: إن الديار والمنازل من المثيرات التي تهز النفس، فتتزاحم فيها الخواطر والأطياف، والأحلام التي بددتها الأيام في طغيان قاس عنيف، فالشاعر في هذه الموقف يكون ممتلئ النفس أعظم الامتلاء متوتر الحس أشد التوتر، وهذه حال تدعو إلى أن تكون الصياغة مركزة أشد التركيز ليكون الأسلوب أشبه بالنفس، وقد يقوي هذا أنك إذا راجعت النظر في الأبيات السابقة التي بنيت على الحذف تجدها تذكر معنى هو أمس بقلب الشاعر من سابقه؛ لأنه يخصص الديار ويحددها، فهي دار مرو أو دار سلمى أو ديار مية، وبهذا التحديد تلابسه أحسن الذكرى، وتطوف به أعذب الأطياف، وهذا موقف يعظم سلطانه على النفس الشاعرة.
وهذا التفسير الذي نفسر به هذه الخصوصية في سياق الأطلال هو ما نراه تفسيرا للخصوصية نفسها عند ذكر الرجال مدحا أو قدحا، فإنهم حين تحمي نفوسهم بذكر المناقب، أو المثالب يقطعون الكلام؛ ليستأنفوا مقطعا جديدا من مقاطع المعنى، ويبنون هذا المقطع الثاني على إسقاط المسند إليه، وكأن الحذف هنا تمييز، وفصل بين لونين من ألوان المعنى.
يقول عبد القاهر:
"من المواضع التي يطرد فيها حذف المبتدأ القطع، والاستئناف يبدءون بذكر الرجل ويقدمون بعض أمره، ثم يدعون الكلام الأول ويستأنفون كلاما آخر، وإذا فعلوا ذلك أتوا في أكثر الأمر بخبر من غير مبتدأ، مثال ذلك قوله: "من الكامل"
وعلمت أني يوم ذا ... ك منازل كعبا ونهدا
قوم إذا لبسوا الحديـ ... ـد تنمروا حلقا وقدا
يذكر الشاعر وهو عمرو بن معد يكرب الزبيدي، وكان شاعرا فارسا سيدا

اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى    الجزء : 1  صفحة : 164
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست