اسم الکتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : الحموي، ابن حجة الجزء : 1 صفحة : 72
سمي مضارعًا، وإن كان قريبًا منه كان مضارعًا أيضًا، وأنا أذكر شاهد كل منهما، فإن الفرق بينهما يدق عن كثير من الأفهام، ولم يساعده على ظلمة شكه غير ضياء الحسن.
والمضارع هو المتشابه في المخرج، كقوله تعالى، وهو إلى الغاية التي لا تدرك: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} [1] ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة". ومثله قول بعضهم: البرايا أهداف البلايا.
ومن النظم قول الشريف الرضي رحمه الله:
لا يذكر الرمل إلا حسن مغترب ... له إلى الرمل أوطار وأوطان2
فاللام والراء والنون من مخرج واحد، عند قطرب والجرمي وابن دريد والفراء. قال بعض أهل الأدب في كتاب: راش سهامه بالعقوق، ولوى ماله عن الحقوق. فالعين والحاء من مخرج واحد. ويعجبني قول الشيخ جمال الدين بن نباتة في هذا الباب:
رق النسيم كرقني من بعدكم ... فكأننا في حيكم نتغاير
ووعدت بالسلوان واش عابكم ... فكأننا في كذبنا نتخاير3
فالغين والخاء من مخرج واحد.
انتهى الكلام على المضارع ومقاربه في مخارج حروفه على الأبدال، واللاحق قد تقدم أنه ما أبدل من أحد ركنيه حرف منغير مخرجه، كقوله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} [4] وكتب بعضهم في جواب رسالة: وصل كتابك فتناولته باليمين، ووضعته مكان العقد الثمين. ومن النظم، قول البحتري، وأجاد إلى الغاية:
عجب الناس لاعتزالي وفي الأطراف ... تلفى منازل الأشراف
وقعودي عن التقلب والأر ... ض لمثلي رحيبة الأكناف5
ليس عن ثروة بلغت مداها ... غير أن امرؤ كفاني كفافي6 [1] الأنعام: 26/ 6
2 أوطار: مفردها وطر وهي الحاجة.
3 تتخاير: يخير بعضنا الآخر. [4] الضحى: 93/ 9، 10.
5 أكناف: نواحي، مفردها كنف.
6 كفافي: ما يقيم أودي، وأحافظ به على حياتي.
اسم الکتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : الحموي، ابن حجة الجزء : 1 صفحة : 72