اسم الکتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : الحموي، ابن حجة الجزء : 1 صفحة : 268
من التام، وإذا أسقط من البيت الأول: لا أنتهي عن حبه، ومن الثاني: لا صبر لي عن قربه، ومن الثالث: في الحب أن نسمي به، ومن الرابع: إذا لم يحل عن صبه، صارت من الرجز المجزوء، وإن أسقطت من البيت الأول قوله: فهو المنى إلى آخره، ومن الثاني: يشفي الضنا إلى آخره، ومن الثالث: يحلو لنا إلى آخره، ومن الرابع: قد سرنا إلى آخره، صارت من الرجز المشطور. وإن أسقطت من الأول. قوله: مهما رنا، ومن الثاني: حلو الجنى، ومن الثالث: زال العنا، ومن الرابع: لما دنا، صار من الرجز المنهوك. ولكن القوة في ذلك، والمكنة في ملكة الأديب أن يأتي بالتشريع، في بيت واحد، وهذا هو المطلوب من نظام البديعيات، لأجل الاستشهاد بأبياتهم على كل نوع، ولا سيما الملتزم بتسميته على الصيغة، فإنه لو جاء بالتسمية والنوع في بيتين بطل حكم التورية، وخرج عن شروط البديعيات.
وبيت الشيخ صفي الدين:
فلو رأيت مصابي عندما رحلوا ... رثيت لي من عذابي يوم بينهم1
يخرج له من هذا البيت:
فلو رأيت مصابي ... رثيت لي من عذابي
وهو مجزوء المجتث، وبيته عند الرعوضيين:
البطن منها خميص ... والوجه مثل الهلال2
وقد تعين إيراد ما نظمه أبو عبد الله الضرير في البيتين، لأجل المعارضة، وهما:
وافق كريم رحيم قد وفى ووقى ... فعم نفعًا فكم ضرًا شفى فقم
فقم بنا فلكم فقرًا كفى كرمًا ... وجود تلك الأيادي قد صفا فقم
أقول لو اختصر العميان هذين البيتين، وأضافوهما إلى ما اختصروه من البديع، لكان أجمل بهم، فإنهم أسقطوا من أنواع البديع نحو السبعين، وقصد الناظم فيهما، أعني البيتين، أنك إذا اسقطت من البيت الكلمة الموازنة لفعلن من آخر كل نصف، وهما قوله: ووقى، وقوله: فكم، صار الوزن من الضرب الأول من البسيط، وهو التام، إلى الضرب الثالث منه، وهو المجزوء، لأنه قد حذف منه جزءا من آخر كل نصف فصار:
واف كريم رحيم قد وفى ... وعم نفعًا فكم ضرًا شفى
فقم بنا فلكم فقرًا كفى ... وجود تلك الأيادي قد صفا
1 رثى: أشفق عليه وحزن لأجله، البين: الفراق.
2 خميص: فارغة خاوية، جائعة.
اسم الکتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : الحموي، ابن حجة الجزء : 1 صفحة : 268