responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : الحموي، ابن حجة    الجزء : 1  صفحة : 265
وعلى منوال الاستثناء الأول، الذي هو العمدة في هذا الباب، نظم أصحاب البديعيات وهو إخراج القليل من الكثير، بزيادة معنى بديع، يزيد على معنى الاستثناء، فبيت الشيخ صفي الدين الحلي:
فكل ما سر قلبي واستراح به ... إلا الدموع عصاني بعد بعدهم
فلبيت صفي الدين هنا غير حال من العقادة، ومراده فيه أن كل شيء كان يسره، قبل الفراق، ويطيعه عصاه، إلا الدموع فإنها أطاعته. ومعنى هذه الزيادة اللطيفة لا يخفى على أهل الذوق.
والعميان لم ينظموا هذا النوع في بديعيتهم، وبيت الشيخ عز الدين:
الناس كل ولا استثناء لي عذروا ... إلا العذول عصاني في ولائهم
مراد عز الدين في زيادة معناه على معنى الاستثناء أن عذوله خالف الإجماع.
وبيت بديعيتي:
عفت القدود فلم أستثن بعدهم ... إلا معاطف أغصاني بذي سلم
قال الله تعالى: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [1] هذا البيت ما أعلم أنني إذا أطنبت في وصفه، يكون الإطناب لشدة فرحي به، لكونه نظمي، أو لأن الأمر على حقيقته. فإن زيادة معناه على معنى الاستثناء، وغرابة أسلوبه، وشرف نسيبه، وحسن انسجامه، وسهولة ألفاظه، ومراعاة نظيره لا تخفى على المنصف من أهل الأدب. وأما ترشيح تورية الاستثناء، بذكر القدود والمعاطف، فإنه من النسمات التي حركت القدود والمعاطف، والتكميل بذي سلم، لكون القصيدة نبوية، في غاية الكمال. والذي أقوله: إنه ما يدخل نظر المتأمل إلى بيت أعمر منه في هذا الباب، والله أعلم بالصواب.

[1] الروم: 32/ 30.
اسم الکتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : الحموي، ابن حجة    الجزء : 1  صفحة : 265
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست