responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : الحموي، ابن حجة    الجزء : 1  صفحة : 158
ومثله:
إن هذا الربيع شيء عجيب ... تضحك الأرض من بكاء السماء
ذهب حينما ذهبنا ودر ... حيث درنا وفضة في الفضاء
وما أحلى قول القائل، في هذا الباب:
إذا نحن سرنا بين شرق ومغرب ... تحرك يقظان التراب ونائمه
فالمطابقة بين اليقظان، والنائم ونسبتهما إلى التراب على سبيل المجاز، وهذا هو التكافؤ عند ابن أبي الأصبع.
وأما المطابقة الحقيقية التي لم تأت بغير ألفاظ الحقيقة، فأعظم الشواهد عليها قوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى، وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا} [1] وكقول النبي -صلى الله عليه وسلم، للأنصار رضي الله تعالى عنهم: "إنكم لتكثرون عند الفزع، وتقلون عند الطمع"، فانظر إلى هذه البلاغة النبوية، والمناسبة التامة ضمن المطابقة.
ومن الشواهد الشعرية، قول الحماسي:
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد ... لنفسي حياة مثل أن أتقدما
ولآخر:
لئن ساءني أن نلتني بإساءة ... لقد سرني أني خطرت ببالك
ولآخر في وصف فرس، وأجاد:
وأرى الوحش في يميني إذا ما ... كان يومًا عنانه بشمالي2
والمعجز الذي لا تصل إليه قدرة مخلوق، قوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ، وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ، وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ، وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ} [3] فانظر إلى عظم هذه المطابقة وما فيها من الوجازة.
ومن ذلك في الحديث، قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "فليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته ومن الشبيبة للكبر، ومن الحياة للمات، فوالذي نفسي بيده ما بعد الحياة مستعتب، ولا بعد الدنيا دار إلا الجنة والنار"، انتهى ما قررته في المطابقة، لغة واصطلاحًا، وما أوردته من الفرق بينهما وبين التكافؤ على رأي ابن أبي الأصبع.

[1] النجم: 53/ 43.
2 العنان: المقود والرمس.
[3] فاطر: 35/ 19، 22.
اسم الکتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : الحموي، ابن حجة    الجزء : 1  صفحة : 158
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست