اسم الکتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : الحموي، ابن حجة الجزء : 1 صفحة : 154
لا يتبين فيه ترتيب ولا عكس، كما تقدم، ومثله قول ابن سكرة في بيت الكافات الشتائية:
جاء الشتاء وعندي من حوائجه ... سبع إذا القطر عن حاجاتنا حبسا
كن وكيس وكانون وكاس طلا ... مع الكباب وكس نعام وكسا1
وظريف هنا قول من قال:
جاء الصفاع وعندي ما حوائجه ... سبع إذا الصفع في ميدانه وقفا2
نطع وطرق وزريوك وغاشية ... وركوة وجراب ناعم وقفا3
ففي قوله، بعد ما ذكره من آلات الصفع: وقفا. غاية في اللطف وقوة في تمكين القافية. انتهى الكلام على اللف والنشر المفصل المرتب وعلى غيره.
وأما أصحاب البديعيات فإنهم ما نظموا إلا المفصل المرتب، لأنه المقدم عند علماء البديع في هذا الباب، ولم يأتوا به إلا في بيت واحد، بحيث يكون مثالًا شاهدًا على هذا النوع، وماشيًا على سنن الأبيات المفردة المشتملة على أنواع البديع، وبيت صفي الدين غاية في هذا الباب، لما اشتمل عليه من السهولة والرقة وعدم الحشو، وهو قوله:
وجدي حنيني أنيني فكرتي ولهي ... منهم إليهم عليهم فيهم بهم
والعميان لم يأتوا بهذا النوع إلا في بتين، مع عقادة التركيب.
ولقد حبست عنان القلم عن الكلام عليهما، لكونهما من جملة مديح النبي -صلى الله عليه وسلم وهما:
حيث الذي إن بدا في قومه وحبي ... عفاته ورمى الأعداء بالنقم4
فالبدر في شبهه والغيث جاد لذي ... محل وليث الشرى قد جال في الغنم
1 الكُن: الملجأ - الكيس: المال - الكانون: ما تشعل فيه النار - الكباب: اللحم المفروم "كفته" - الكسُّ: الكسيس: وهو لحم يجفف ثم يدق كالسويق - وكسا: كساء.
2 الصفاع: القتال.
3 النطع: بساط من الجلد كان يوضع عليه المحكوم بالإعدام ويقتل بالسيف - الطرق: الترس - الزريوك: ما يلبس على الرأس في المعارك، الركوة: إناء صغير من جلد يشرب به الماء ويستعمله الفارس في المعركة والصياد في تجواله - الجراب: قراب السيف - القفا: الهرم، دليل الحنكة.
4 حبى: حياء أعطى - عفاته: أصحابه وقاصدوه.
اسم الکتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : الحموي، ابن حجة الجزء : 1 صفحة : 154