اسم الکتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : الحموي، ابن حجة الجزء : 1 صفحة : 131
وأخبرني مولانا، قاضي القضاة الشافعي نور الدين، الحاكم بحماة المحروسة، المشهور بخطيب الدهشة: أنه كان بحماة يهودي يطوف بالحناء والصابون على رأسه، ويقول: معي حناء أخضر جديد، وصابون يابس عتيق.
وأما مقابلة ثلاثة بثلاثة فقيل: إن المنصور سأل أبا دلامة، عن أشعر بيت في المقابلة فأنشده:
ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا ... وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل
فالشاعر قابل بين أحسن وأقبح، وبين الدين والكفر، والدنيا والإفلاس. قال ابن أبي الأصبع: إنه لم يقل قبله مثله.
ومن قابلة أربعة بأربع، قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [1] المقابلة بين قوله واستغنى وقوله واتقى، لأن معناه زهد فيما عنده واستغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الآخرة، وذلك يتضمن عدم التقوى، ومن مقابلة أربعة بأربعة قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه، في وصيته عند الموت: هذا ما أوصى به أبو بكر، عند آخر عهده بالدنيا خارجًا منها، وأول عده بالآخرة داخلًا فيها، فقابل أولا بآخر، والدنيا بالآخرة، وخارجًا بداخل، ومنها بفيها، فانظر إلى ضيق هذا المقام كيف صدر عنه مثل هذا الكلام.
قال علماء البديع: كلما كثر عددها كانت أبلغ، فمن مقابلة خمسة بخمسة قول أمير المؤمنين علي، كرم الله وجهه، لعثمان بن عفان رضي الله عنهما: إن الحق ثقيل مري[2] والباطل خفيف وبيّ[3] وأنت رجل إذا صدقت سخطت، وإن كذبت رضيت.
وأوردوا لأبي الطيب، في مقابلة خمسة بخمسة:
أزورهم وسواد الليل يشفع لي ... وأنثني وبياض الصبح يغري بي
قال صاحب الإيضاح ضد الليل المحض هو النهار لا الصبح، والمقابلة الخامسة، بين بي ولي، فيها نظر، لأن الباء واللام صلتا الفعلين، ورجح بيت أبي دلامة [1] الليل: 92/ 5-10. [2] مري: يسهل بلعه. [3] وبي: من الوباء وهو المرض.
اسم الکتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : الحموي، ابن حجة الجزء : 1 صفحة : 131