اسم الکتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : الحموي، ابن حجة الجزء : 1 صفحة : 124
انظر أيها المتأمل، إلى صحة الاشتراك بين الاستخدامين، وانسجام البيت الأول مع البيت الثاني، وسيلان الرقة لذا القطر النباتي، والتشبيب المرقص بالمنازل الحجازية، والغزل الذي يليق أن تصدر به المدائح النبوية، ولعمري إنه مشى على طريق صاحب الإيضاح فزاده إيضاحًا، ولو دعي إلى عروس الأفراح زاده أفراحا، وهذه القصيدة، التي ظفرت منها بهذين الاستخدامين، محاسنها غرر في جباه القصائد، ولأنواع البديع بها صلة ومن أبياتها عائد، منها:
سقى الله أكتف الغضى سائل الحيا ... وإن كنت أسقى أدمعًا تتحدر
وعيشًا نضى عنه الزمان بياضه ... وخلفه في الرأس يزهو ويزهر1
تغير ذاك اللون مع من أحبه ... ومن ذا الذي يا عز لا يتغير
وكان الصبا ليلا وكنت كحالم ... فوا أسفي والشيب كالصبح يسفر2
يعللني تحت العمامة كتمه ... فيعتاد قلبي حرة حين أحسر3
وينكرني ليلي وما خلت أنه ... إذا وضع المرء العمامة ينكر
ومنها:
وغيداء أما جفنها فمؤنث ... كليل وأما لحظها فمذكر4
يروقك جمع الحسن في لحظاتها ... على أنه بالجفن جمع مكسر
يشف وراء المشرفية خدها ... كماشف من دون الزجاجة مسكر5
خليلي كم روض نزلت فناءه ... وفيه ربيع للنزيل وجعفر6
وفارقتها والطير صافرة بها ... وكم مثلها فارقتها وهي تصفر7
ومنها في وصف الناقة:
ورب طموح العزم أدماء جسرة ... يظل بها عزمي على البيد يجسر8
طوت بذراعي وخدها شقة الفلا ... وكف الثريا في دجى الليل يشبر9
1 نضن: خلع ونزع.
2 يسفر: يبدو ويظهر.
3 أحسر: أكشف.
4 كليل: مريض، ومرض الجفون من صفات الجمال عند الحسان.
5 شف: رق حتى بدت الأشياء من خلاله.
6 الجعفر: النهر، وتجمع على جعافر.
7 صافرة: مغردة أو أصابها الصُّفار وهو الجوع - وتصفر: أي خالية من صَفِرَ.
8 الأدماء: السمراء وهي من صفات الناقة - الجسور: القوية - يجسر: يجرؤ.
9 الوجد: نوع من السير، يشير: يقيس بشبره والشبر ما بين طرفي الإبهام والخنصر.
اسم الکتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : الحموي، ابن حجة الجزء : 1 صفحة : 124