اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 495
لو يدب الحولي من ولد الذ ... ر عليها لأندبتها الكلوم «1»
أي لو دبت الحولية من الذر عليها لأثرت بها الكلوم. وقال السهيلي وغيره: أهلك الله تعالى جرهم بالذر والرف، حتى كان آخرهم موتا امرأة رؤيت تطوف بالبيت بعدهم بزمان، فتعجبوا من طولها وعظم خلقها، حتى قال لها قائل: أجنية أنت أم إنسية؟ فقالت: بل انسيه من جرهم، ثم اكترت من رجلين من جهينة بعيرا إلى أرض خيبر، فلما أنزلاها استخبراها عن الماء فأخبرتهما، فوليا فأتاها الذر فتعلق بها إلى أن انتهى إلى خياشيمها، ثم نزل إلى حلقها فهلكت.
وعبر عن الذرة يزيد بن هارون بأنها دودة حمراء وهي عبارة فاسدة. وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: الذرة رأس النملة. وقال بعض العلماء لأن تفضل حسناتي سيآتي بمثقال ذرة أحب إلي من الدنيا وما فيها قال «2» الله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
انتهى. وهذه الآية كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسميها الجامعة الفاذة، أي المنفردة في معناها. وروى البيهقي في الشعب، من حديث صالح المري عن الحسن عن أنس أن سائلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فاعطاه تمرة فقال السائل: سبحان الله نبي من أنبياء الله يتصدق بتمرة: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أو ما عملت أن فيها مثاقيل ذر كثير» . «ثم أتاه آخر فسأله فأعطاه تمرة فقال: تمرة من نبي من الأنبياء لا تفارقني هذه التمرة ما بقيت، ولا أزال أرجو بركتها أبدا فأمر له بمعروف.
وفي رواية قال للجارية: إذهبي إلى أم سلمة فمريها فلتعطه الأربعين درهما التي عندها قال أنس:
فما لبث الرجل أن استغنى» . وروى الإمام أحمد في مسنده بإسناد رجاله ثقات، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقتص للخلق بعضهم من بعض حتى الجماء من القرناء وحتى الذرة من الذرة» «3» . وأعطى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه سائلا تمرتين، فقبض السائل يده فقال له سعد: يا هذا إن الله قد قبل منا مثاقيل الذرة. وفعلت عائشة رضي الله تعالى عنها هذا في حبة عنب. وسمع هذه الآية صعصعة بن عقال التميمي عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: حسبي لا أبالي أن لا أسمع آية غيرها. وسمعها رجل عند الحسن البصري فقال: انتهت الموعظة. فقال الحسن: فقه الرجل. وروى الحاكم في المستدرك عن أبي أسماء الرحبي، أن هذه السورة نزلت وأبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم، فترك أبو بكر الأكل وبكى، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ما يبكيك» . فقال: يا رسول الله أو نسأل عن مثاقيل الذر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«يا أبا بكر ما رأيت في الدنيا مما تكره فمثاقيل ذر الشر، ويدخر الله لك مثاقيل ذر الخير إلى الآخرة» . قال: والذرة نملة صغيرة حمراء لا يرجح بها ميزان. وروى الإمام أحمد في الزهد عن أبي هريرة رضي الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يجاء بالجبارين والمتكبرين يوم القيامة رجال على صور الذر يطؤهم الناس، من هوانهم على الله، حتى يقضي بين الناس، قال: ثم يذهب بهم إلى نار الأنيار. قيل: يا رسول الله وما نار الأنيار؟ قال عصارة أهل النار» . ورواه «4» صاحب الترغيب والترهيب. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم «5» قال: «يحشر المتكبرون يوم
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 495