responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 417
هو دويبة عمياء صماء لا تعرف ما بين يديها إلا بالشم، فتخرج من جحرها، وهي تعلم أن لا سمع لها ولا بصر، فتنفخ فاها وتقف عند جحرها، فيأتي الذباب فيقع على شدقها، ويمر بين لحييها فتدخله جوفها بنفسها، فهي تتعرض لذلك في الساعات التي يكون فيها الذباب أكثر.
وقال غيره: الخلد فأر أعمى لا يدرك إلا بالشم. قال ارسطو في كتاب النعوت: كل حيوان له عينان إلا الخلد، وإنما خلق كذلك لأنه ترابي جعل الله له الأرض كالماء للسمك، وغذاؤه من بطنها وليس له في ظهرها قوة ولا نشاط، ولما لم يكن له بصر، عوضه الله حدة حاسة السمع فيدرك الوطء الخفي من مسافة بعيدة، فإذا أحس بذلك جعل يحفر في الأرض، قال: والحيلة في صيده أن يجعل له في جحره قملة، فإذا أحس بها وشم رائحتها، خرج إليها ليأخذها وقيل: إن سمعه بمقدار بصر غيره. وفي طبعه الهرب من الرائحة الطيبة، ويهوى رائحة الكراث والبصل، وربما صيد بهما فإنه إذا شمهما خرج إليهما، وهو إذا جاع فتح فاه فيرسل الله تعالى له الذباب فيسقط عليه فيأكله، وذكر بعض المفسرين، أن الخلد هو الذي خرب سد مأرب، وذلك أن قوم سبأ كانت لهم جنتان، أي بستانان عن يمين من يأتيها وشماله. قال «1» الله تعالى لهم: كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ
أي على ما أنعم به عليكم. وكانت بلدتهم طيبة لا يرى فيها بعوض ولا برغوث، ولا عقرب ولا حية، ولا ذباب، وكان الركب يأتون وفي ثيابهم القمل وغيره، فإذا وصلوا إلى بلادهم ماتت. وكان الإنسان يدخل البستان والمكتل على رأسه، فيخرج وقد امتلأ من أنواع الفواكه من غير أن يتناول منها شيئا بيده. فبعث الله لهم ثلاثة عشر نبيا فدعوهم إلى الله وذكروهم نعمه عليهم. وأنذروهم عقابه فأعرضوا وقالوا: ما نعرف لله علينا من نعمة وكان لهم سدّ بنته بلقيس، لما ملكتهم، وبنت دونه بركة فيها اثنا عشر مخرجا على عدد أنهارهم، فكان الماء يقسم بينهم على ذلك. فلما كان من شأنها مع سليمان عليه الصلاة والسلام ما كان، مكثوا مدّة بعدها ثم طغوا وبغوا وكفروا فسلط الله عليهم جرذا أعمى، يقال له الخلد، فنقب السد من أسفله فهلكت أشجارهم وخربت أرضهم. وكانوا يزعمون في علمهم وكهانتهم أن سدهم ذلك تخربه فأرة فلم يتركوا فرجة بين حجرين إلا ربطوا عندها هرة، فلما جاء الوقت الذي أراد الله تعالى، أقبلت فأرة حمراء إلى هرة من تلك الهرار، فساورتها حتى استأخرت عنها الهرة، فدخلت في الفرجة التي كانت عندها، ونقبت وحفرت، فلما جاء السيل وجد خللا، فدخل فيه حتى قلع السد، وفاض على أموالهم فغرقها ودفن بيوتهم بالرمل.
وروي: عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ووهب غيرهما انهم قالوا: كان ذلك السد بنته بلقيس وذلك أنهم كانوا يقتتلون على ماء أوديتهم، فأمرت بواديهم فسد بالعرم، وهو بلغة حمير، فسدت بين الجبلين بالصخر والقار، وجعلت له أبوابا ثلاثة: بعضها فوق بعض وبنت من دونه بركة ضخمة وجعلت فيها إثني عشر مخرجا على عدد أنهارهم، يفتحونها إذا احتاجوا إلى الماء وإذا استغنوا عنه سدوها فإذا جاء المطر اجتمع إليه ماء أودية اليمن، فاحتبس السيل من وراء السد فأمرت بالباب الأعلى ففتح فجرى ماؤه في البركة فكانوا يسقون من الباب

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 417
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست