اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 378
وإياك وبنات الأحرار. والقصة في ذلك مشهورة في ذلك يقول الشاعر:
وإني لأخشى إن خطبت إليهم ... عليك الذي لاقى يسار الكواعب
وقالوا: «أمسخ من لحم الحوار» «1» قال الشاعر:
وقد علم الغثر والطارقون ... بأنك للضيف جوع وقرّ «2»
مسيخ مليخ كلحم الحوار ... فلا أنت حلو ولا أنت مر
المسيخ والمليخ الذي لا طعم له. وقالوا: «كسؤر العبد من لحم الحوار» «3» ويضرب للشيء الذي لا يدرك منه شيء، وأصله أن عبدا نحر حوارا وأكله، ولم يبق لمولاه منه شيئا فضرب به المثل لما يفقد البتة.
الحوت:
السمك والجمع أحوات وحوتة وحيتان. قال الله تعالى: إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ
«4» الآية. وهذا يمكن أن يقع من الحيتان بإرسال من الله تعالى، كإرسال السحاب أو بوحي الهام كالوحي إلى النحل، أو بإشعار في ذلك اليوم، نحو ما يشعر الله الدواب يوم الجمعة، بأمر الساعة حسبما يقتضيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة فرقا من قيام الساعة» «5» ويحتمل أن يكون ذلك من الحيتان شعورا بالسلامة في ذلك اليوم، على نحو شعور حمام الحرم بالسلامة. قال أصحاب القصص: كان الحوت يقرب ويكثر حتى يمكن أخذه باليد، فإذا كان يوم الأحد، غاب بجملته، وقيل: يغيب أكثره ولا يبقى منه إلا القليل وستأتي القصة في ذلك في باب القاف في لفظ القرد. وروينا بالسند الصحيح عن سعيد بن جبير أنه قال: لما أهبط الله تعالى آدم إلى الأرض، لم يكن فيها غير النسر في البر، والحوت في البحر، وكان النسر يأوي إلى الحوت فيبيت عنده، فلما رأى النسر آدم عليه السلام، أتى الحوت وقال: يا حوت لقد أهبط اليوم إلى الأرض من يمشي على رجليه ويبطش بيديه، فقال الحوت: لئن كنت صادقا فمالي منجى منه في البحر ومالك مخلص منه في البر. الأمثال:
قال الشاعر:
كالحوت لا يلهيه شيء يلهمه ... يصبح ظمآن وفي البحر فمه
اللهم الابتلاع يضرب لمن عاش بخيلا شرها.
روى الطبراني: في معجمه الأوسط عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «علماء هذه الأمة رجلان: رجل آتاه الله علما فبذله للناس ولم يأخذ عليه طعما، ولم يشتر به ثمنا قليلا، فلذلك يصلي عليه طير السماء، وحيتان الماء، ودواب الأرض، والكرام الكاتبون، يقدم على الله سيدا شريفا، حتى يرافق المرسلين. ورجل آتاه الله علما في الدنيا، فضن به على
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 378