responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 312
ولا جمالا، فقالت له: أبيت اللعن أيها الملك الهمام، هل لك في الطعام؟ فاشتد اشفاقه وخاف على نفسه، لما رأى أنها عرفته وتصامم عن كلمتها، فقالت له: لا حذر فداك البشر، فجدك الأكبر، وحظنا بك الأوفر، ثم قربت إليه ثريدا وقديدا وحيسا. وقامت تذب عنه، حتى انتهى أكله. ثم سقته لبنا صريفا وضريبا. فشرب ما شاء وجعل يتأملها مقبلة ومدبرة، فملأت عينيه حسنا وقلبه هوى، فقال لها: ما اسمك يا جارية؟ قالت: اسمي عفيراء. فقال لها: يا عفيراء من الذي دعوته بالملك الهمام؟ قالت: مرثد العظيم الشان، حاشر الكواهن والكهان، لمعضلة بعد عنها الجان. فقال: يا عفيراء أتعلمين تلك المعضلة؟ قالت: أجل أيها الملك إنها رؤيا منام، ليست بأضغاث أحلام. قال الملك: أصبت يا عفيراء، فما تلك الرؤيا؟ قالت: رأيت أعاصير زوابع، بعضها لبعض تابع، فيها لهب لامع، ولها دخان ساطع، يقفوها نهر متدافع، وسمعت فيما أنت سامع، دعاء ذي جرس صادع، هلموا إلى المشارع، فروي جارع، وغرق كارع. فقال الملك:
أجل هذه رؤياي. فما تأويلها يا عفيراء؟ قالت: الأعاصير الزوابع ملوك تبايع، والنهر علم واسع، والداعي نبي شافع، والجارع ولي تابع، والكارع عدوّ منازع. فقال الملك: يا عفيراء أسلم هذا النبي أم حرب؟ فقالت: أقسم برافع السماء، ومنزل الماء من العماء، إنه لمطل الدماء، ومنطق العقائل نطق الإماء. فقال الملك: الام يدعو يا عفيراء؟ قالت إلى صلاة وصيام، وصلة أرحام، وكسر أصنام، وتعطيل أزلام، واجتناب آثام. فقال الملك: يا عفيراء من قومه؟ قالت مضر بن نزار، ولهم منه نقع مثار، ينجلي عن ذبح وآثار. فقال الملك: يا عفيراء إذا ذبح قومه فمن أعضاده؟ قالت أعضاده غطاريف يمانون، طائرهم به ميمون، يغزيهم فيغزون، ويدمث بهم الحزون «1» وإلى نصره يعتزون. فأطرق الملك يؤامر نفسه في خطبتها، فقالت: أبيت اللعن أيها الملك، إن تابعي غيور، ولأمري صبور، وناكحي مثبور، والكلف بي ثبور، فنهض الملك وجال في صهوة جواده، وانطلق فبعث إليها بمائة ناقة كوماء. قال محمد بن ظفر: أوغل في طلب الصيد أي بالغ في ذلك وأمعن، والوغول الدخول في الشيء بقوة.
وذرجبل بفتح الذال المعجمة الكن والمدعدعة هي التي ملئت بقوة ثم حركت حتى تراص ما فيها ثم ملئت بعد ذلك. والعلبة بضم العين المهملة واسكان اللام اناء من جلد. والأرواح هي الرياح. وصريفا اللبن المحض بحدثان الحلاب يصرف عن الضرع إلى الشارب وضريبا اللبن الرائب. وبعد عنها الجان أي جبنوا عنها ولم يطيقوها. وأعاصير زوابع هي من الرياح ما يثير التراب فيعليه في الجوّ، ويديره وساطع أي مرتفع. ودعاء ذي جرس صادع. الجرس الصوت والمشارع المداخل إلى النهر. وجارع أي من شرب جرعا أمن وكارع أي من أمعن غرق. وتبايع جمع تبع، وهذا لقب لملوك اليمن، وهو من الأتباع لأن بعضهم كان يتبع في الملك بعضا. والعماء هو الغيم والغمام، ومنطق العقائل هن الكرائم من النساء، أي يسبيهن فيشددن النطق على أوساطهن، كالإماء للمهنة والخدمة. ونقع مثار: النقع الغبار يثيره المتحاربون. والأعضاد الأنصار. والغطاريف السادة والتغطرف التكبر. ويدمث أي يسهل ويؤامر نفسه يراد به تعارض

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 312
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست