اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 295
عظم وروثة» . قال الزبير رضي الله عنه: فلا يحل لأحد أن يستنجي بعظم ولا روثة. وروي أيضا عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: استتبعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقال: «إن نفرا من الجن خمسة عشر، بنو اخوة وبنو عم، يأتون الليلة فأقرأ عليهم القرآن» . فانطلقت معه إلى المكان الذي أراد فجعل لي خطا ثم أجلسني فيه، وقال: «لا تخرج من هذا» فبت فيه حتى أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع السحر، وفي يده عظم حائل وروثة وخمة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيت الخلاء فلا تستنج بشيء من هذا» قال: فلما أصبحت قلت: لأعلمن حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهبت فرأيت موضع سبعين بعيرا. وروى الشافعي والبيهقي أن رجلا من الأنصار رضي الله عنهم، خرج يصلي العشاء فسبته الجن وفقد أعواما، وتزوجت زوجته. ثم أتى المدينة فسأله عمر رضي الله عنه، عن ذلك، فقال: اختطفتني الجن، فلبثت فيهم زمانا طويلا، فغزاهم جن مؤمنون وقاتلوهم، فأظفرهم الله عليهم، وسبوا منهم سبايا وسبوني معهم، فقالوا: تراك رجلا مسلما، ولا يحل لنا سباؤك، فخيروني بين المقام عندهم والقفول إلى أهلي؟ فاخترت أهلي فأتوا بي إلى المدينة فقال له عمر رضي الله عنه: ما كان طعامعهم؟ قال: الفول وكل ما لم يذكر اسم الله عليه.
قال: فما كان شرابهم؟ قال: الجدف. وهو الرغوة، لأنها تجدف عن الماء، وقيل: نبات يقطع ويؤكل، وقيل كل إناء كشف عنه غطاؤه. وأما الاجماع فنقل ابن عطية وغيره الاتفاق على أن الجن متعبدون بهذه الشريعة على الخصوص، وأن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الثقلين، فإن قيل: لو كانت الأحكام بجملتها لازمة لهم لكانوا يترددون إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حتى يتعلموها، ولم ينقل أنهم أتوه إلا مرتين بمكة، وقد تجدد بعد ذلك أكثر الشريعة قلنا: لا يلزم من عدم النقل عدم اجتماعهم به، وحضوره مجلسه وسماعهم كلامه، من غير أن يراهم المؤمنون، ويكون هو صلى الله عليه وسلم يراهم، ولا يراهم أصحابه، فإنه تعالى يقول «1» عن رأس الجن: إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ
فقد يراهم صلى الله عليه وسلم بقوة يعطيها الله له زائدة على قوة أصحابه، وقد يراهم بعض الصحابة في بعض الأحوال كما رأى أبو هريرة رضي الله عنه الشيطان الذي أتاه ليسرق من زكاة رمضان.
كما رواه البخاري فإن قيل: ما تقول فيما حكي عن بعض المعتزلة انه ينكر وجود الجن؟ قلنا عجيب أن يثبت ذلك عمن يصدق بالقرآن، وهو ناطق بوجودهم. وروى البخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «2» : «ان عفريتا من الجن تفلت عليّ البارحة، يريد أن يقطع عليّ صلاتي فذعته، بالذال المعجمة والعين المهملة، أي خنقته، وأردت أن أربطه في سارية من سواري المسجد، فذكرت قول أخي سليمان، وقال «3» صلى الله عليه وسلم: «إن بالمدينة جنا قد أسلموا وقال: لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة» .
وروى مسلم عن سالم بن عبد الله بن أبي الجعد وليس له في الكتب الستة سواه عن ابن مسعود
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 295