responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 244
إني والله يا أهل العراق، مما يقعقع لي بالشنان، ولا يغمز جانبي كتغماز التنين، ولقد فررت عن ذكاء، وفتشت عن تجربة، وإن أمير المؤمنين نثل كنانته، فعجم عيدانها عودا عودا فوجدني أمرها عودا، وأصلبها مكسرا، وأبعدها مرمى، فرماكم بي، لأنكم طالما أوضعتم في الفتنة، واضطجعتم في مراقد الضلال، والله لأحزمنكم حزم السلمة، ولأضربنكم ضرب غرابيب الإبل، فإنكم لكأهل قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون. وإني والله ما أقول إلا وفيت، ولا أهم إلا أمضيت، ولا أحلف إلا بريت وإن أمير المؤمنين أمرني بإعطائكم أعطياتكم، وأن أوجهكم لمحاربة عدوّكم مع المهلب بن أبي صفرة، وإني أقسم بالله لا أجد رجلا تخلف بعد أن أخذ عطائه ثلاثة أيام، إلا ضربت عنقه. يا غلام اقرأ كتاب أمير المؤمنين فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى من بالكوفة من المسلمين سلام عليكم فلم يقل أحد شيئا فقال الحجاج: اكفف يا غلام، ثم أقبل على الناس، فقال: أيسلم عليكم أمير المؤمنين فلم تردّوا سلامه؟ هذا أدب ابن سمية، أما والله لأودّبنكم غير هذا الأدب، أو لتستقيمن. اقرأ يا غلام كتاب أمير المؤمنين فلما بلغ إلى قوله سلام عليكم لم يبق في المسجد أحد إلا قال وعلى أمير المؤمنين السلام. ثم نزل فوضع للناس أعطياتهم فجعلوا يأخذون، حتى أتاه شيخ يرعش كبرا فقال: أيها الأمير إني من الضعف على ما ترى ولي ابن هو أقوى مني على الأسفار أفتقبله مني بدلا فقال له الحجاج: نفعل أيها الشيخ. فلما ولى، قال له قائل: أتدري من هذا أيها الأمير؟ قال:
لا، قال: هذا عمير بن ضابىء البرجمي الذي يقول «1» أبوه:
هممت ولم أفعل وكدت وليتني ... تركت على عثمان تبكي حلائله
ودخل هذا الشيخ على عثمان رضي الله تعالى عنه، يوم الدار وهو مقتول، فوطىء بطنه وكسر ضلعين من أضلاعه، فقال: ردّوه، فلما ردّ قال له الحجاج: أيها الشيخ هلا بعثت إلى أمير المؤمنين عثمان بن عفان بديلا يوم الدار. إن في قتلك إصلاحا للمسلمين: يا حرسي اضرب عنقه.
تفسير ما في خطبة الحجاج من الكلام: قوله: أنا ابن جلا إنما أراد المنكشف الأمر، ولم يصرف جلا لأنه أراد الفعل فحكى. والفعل إذا كان فيه فاعله مضمرا أو مظهرا لم يكن إلا حكاية. كقولك قرأت: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ «2»
لأنك حكيت وكذلك الابتداء والخبر تقول قرأت: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «3» *
قال الشاعر:
والله ما زيد بنام صاحبه.
وهذه الكلمة لسحيم بن وثيل الرياحي، وإنما قالها الحجاج متمثلا وقوله طلاع الثنايا جمع ثنية والثنية الطريق في الجبل والطريق في الرمل، يقال لها: الجلد وإنما أراد جلد يطلع الثنايا في

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 244
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست