اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 230
خدش العود «1» » فعلى سبيل المثل والإخبار عن شدة التقصي في الحساب. وأنه لا بد من أن يقتص للمظلوم من الظالم وقال الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني: يجري القصاص بينها، ويحتمل أنها كانت تعقل هذا القدر في دار الدنيا. قال ابن دحية وهذا جار على مقتضى العقل والنقل لأن البهيمة تعرف النفع والضر، فتنفر من العصا وتقبل للعلف، وينزجر الكلب إذا انزجر وإذا أشلى استشلى. والطير والوحش تفر من الجوارح، استدفاعا لشرها. فإن قيل: القصاص انتقام والبهائم ليست بمكلفة فالجواب أنها غير مكلفة، إلا أن الله يفعل في ملكه، ما أراد كما سلط عليها في الدنيا التسخير لبني آدم، والذبح لما يؤكل منها فلا اعتراض عليه سبحانه وتعالى. وأيضا فإن البهائم إنما يقتص منها لبعضها من بعض إلا أنها لا تطالب بارتكاب نهي ولا بمخالفة أمر لأن هذا مما خص الله به العقلاء، ولما كثر التنازع رجعنا لما أمرنا به ربنا بقوله: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ
«2» ووجدنا القرآن العظيم يدل على الإعادة في الجملة:
قال «3» الله تعالى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ
إلى قوله:
ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ
وقال «4» وقال تعالى: وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ
والحشر في اللغة الجمع. وفي الصحيحين. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين، وراهبين، وإثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وعشرة على بعير، وتحشر بقيتهم النار تقيل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا، وتمسي معهم حيث أمسوا.
فهذا يدل على حشر الإبل مع الناس. وروى الإمام أحمد بسند صحيح إلى أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقتص للخلق بعضهم من بعض، حتى للجماء من القرناء، حتى للذرة من «5» الذرة» فإذا كانت البهائم والذر يقتص منها فكيف يغفل من هو مكلف مأمور؟
ونسأل الله السلامة من شرور أنفسنا وسيآت أعمالنا.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أيضا أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: «لتؤدين الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء» . وفيه أيضا وفي غيره:
«ما من صاحب إبل لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر. ثم يؤتى بها أوفر ما كانت، لا يفقد منها فصيل واحد تطؤه بأخفافها، وتعضه بأفواهها» . الحديث «6» بطوله.
وفي صحيح البخاري: «ليأتين أحدكم يوم القيامة بشاة، يحملها على رقبته لها ثغاء، فيقول: يا محمد فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد بلغت» . وصح عنه صلى الله عليه وسلم أيضا أنه قال «7» : «ما
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 230