اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 150
وقد ذكر المؤلف رحمه الله تعالى دولة العبيديين، وغيرهم من ملوك مصر، على الإجمال مختصرا. وها أنا أذكرهم مفصلا مبينا، وذلك أن الحسين بن محمد بن أحمد بن عبد الله القداح، وذلك أنه كان يعالج العيون، ويقدحها ابن ميمون بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، قدم إلى سلمية، قبل وفاته، وكان له بها ودائع وأموال، من ودائع جدّه عبد الله القداح، فاتفق أنه جرى بحضرته ذكر النساء، فوصفوا له امرأة يهودي حداد، مات عنها زوجها، وهي في غاية الحسن والجمال، وله منها ولد يماثلها في الجمال، فتزوجها وأحبها وحسن موضعها منه، وأحب ولدها فعلمه فتعلم العلم، وصارت له نفس عظيمة وهمة كبيرة، وكان الحسين يدّعي أنه الوصي، وصاحب الأمر، والدعاة باليمن والمغرب يكاتبونه ويراسلونه، ولم يكن له ولد، فعهد إلى ابن اليهودي الحداد، وهو عبيد الله المهدي أول من ملك من العبيديين. ونسبهم إليه، وعرفه أسرار الدعوة من قول وفعل وأمر الدعاة، وأعطاه الأموال والعلامات، وأمر أصحابه بطاعته وخدمته، وقال: إنه الإمام والوصي، وزوجه بابنة عمه، فوضع حينئذ المهدي لنفسه نسبا: وهو عبيد الله بن الحسين بن علي بن محمد بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه.
بعض الناس يقول: إنه من ولد القداح، فلما توفي الحسين، وقام بعده المهدي، انتشرت دعوته، وأرسل إليه داعية بالمغرب يخبره بما فتح الله عليه من البلاد، وإنهم ينتظرونه فشاع خبره عند الناس، أيام المكتفي، فطلب فهرب هو وولده أبو القاسم نزار الملقب بالقائم، وهو يومئذ غلام ومعهما خاصتهما ومواليهما يريدان المغرب. فلما وصلا إلى افريقية أحضر الأموال منها، واستصحبها معه فوصل إلى رقادة في العشر الأخير من شهر ربيع الآخر، سنة سبع وتسعين ومائتين ونزل في قصر من قصورها، وأمر أن يدعى له في الخطبة يوم الجمعة في جميع تلك البلاد ويلقب بأمير المؤمنين المهدي وجلس للدعاء في يوم الجمعة. فأحضر الناس بالعنف، ودعاهم إلى مذهبه، فمن أجاب أحسن إليه ومن أبي حبسه.
فابتداء دولتهم سنة سبع وتسعين ومائتين، فأولهم المهدي عبيد الله ثم ابنه القائم نزار، ثم ابنه المنصور اسماعيل، ثم ابنه المعز معد، وهو أول من ملك مصر من العبيديين، وكان ذلك في سابع عشر شعبان سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة. ودعي له فيها يوم الجمعة العشرين من شعبان على المنابر، وانقطعت خطبة بني العباس من الديار المصرية من يومئذ، وكان الخليفة العباسي إذ ذاك المطيع لله الفضل بن جعفر، وفي يوم الثلاثاء سادس شهر رمضان سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، دخل المعز مصر بعد مضي ساعة من اليوم المذكور، وكل هذا جاء بطريق الاستطراد. فإن المقصود خلافه، ثم العزيز بن المعز، ثم ابنه الحاكم أبو العباس أحمد، وهو السادس من العبيديين، فقتل لأنه خرج عشية يوم الإثنين، سابع عشر شوال سنة احدى عشرة وأربعمائة، وطاف على عادته في البلد، ثم توجه إلى شرقي حلوان، ومعه ركابيان، فردهما، وانتظره الناس إلى ثالث ذي القعدة، ثم خرجوا في طلبه، فبلغوا ذيل القصر، وأمعنوا في الطلب فشاهدوا حماره على ذروة الجبل مضروب اليدين بالسيف، فتتبعوا الأثر فانتهوا إلى بركة هناك، ونزل شخص فيها فوجد سبع حبات مزررة، وفيها أثر السكاكين، فلم يشكوا حينئذ في قتله، ثم ابنه الظاهر أبو الحسن علي ثم
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 150