responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 115
الخلافة، وبردة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضيبه، فلما وضع الرأس بين يديه خرّ ساجدا شكرا لله تعالى على ما رزقه من الظفر. وأمر للرسول بألف ألف درهم.
وذكر عن الأصمعي أنه قال: دخلت على الرشيد وكنت قد غبت عنه بالبصرة حولا، فسلمت عليه بالخلافة فأومأ إلى بالجلوس قريبا منه فجلست قليلا ثم نهضت، فأومأ إلي أن اجلس فجلست، حتى خف الناس ثم قال لي: يا أصمعي ألا تحب أن ترى محمدا وعبد الله بني؟ قلت:
بلى يا أمير المؤمنين إني لأحب ذلك، وما أردت القصد إلا إليهما لأسلم عليهما، فقال: يكفي ذلك ثم قال: علي بمحمد وعبد الله، فانطلق الرسول إليهما وقال أجيبا أمير المؤمنين فأقبلا كأنهما قمرا أفق، قد قاربا خطاهما ورميا ببصرهما الأرض، حتى وقفا على أبيهما، فسلما عليه بالخلافة، فأومأ إليهما بالجلوس، فجلس محمد عن يمينه وعبد الله عن يساره، ثم أمرني بمطارحتهما الأدب فكنت لا ألقي عليهما شيئا من فنون الأدب إلا أجابا فيه، وأصابا فقال: كيف ترى أدبهما؟ قلت: يا أمير المؤمنين ما رأيت مثلهما في ذكائهما وجودة فهمهما وذهنهما، فأطال الله تعالى بقاءهما، ورزق الأمة من رأفتهما ومعطفتهما فضمهما إلى صدره وسبقته عبرته فبكى حتى تحدرت دموعه على لحيته، ثم أذن لهما في القيام فنهضا حتى إذا خرجا قال لي: يا أصمعي كيف بهما إذا ظهر تعاديهما، وبدا تباغضهما ووقع بأسهما بينهما، حتى تسفك الدماء. ويود كثير من الأحياء أنهم كانوا موتى؟ قلت: يا أمير المؤمنين هذا شيء قضى به المنجمون عند مولدهما، أو شيء أثرته العلماء في أمرهما؟ قال: لا بل شيء أثرته العلماء عن الأوصياء عن الأنبياء في أمرهما. وكان المأمون يقول في خلافته: كان الرشيد سمع جميع ما يجري بيننا من موسى بن جعفر، ولذلك قال ما قال. وذكر صاحب عيون التواريخ وغيره، أن المأمون مرّ يوما على زبيدة أم الأمين، فرآها تحرك شفتيها بشيء لا يفهمه، فقال لها: يا أماه أتدعين علي لكوني قتلت ابنك وسلبته ملكه؟ فقالت: لا والله يا أمير المؤمنين. قال فما الذي قلته؟
قالت: يعفيني أمير المؤمنين، فألح عليها وقال لا بد أن تقوليه، قالت: قلت قبح الله الملاححة.
قال: وكيف ذلك؟ قالت: لأني لعبت يوما مع أمير المؤمنين الرشيد بالشطرنج على الحكم والرضا، فغلبني فأمرني أن أتجرد من أثوابي وأطوف القصر عريانة، فاستعفيته فلم يعفني، فتجردت من أثوابي وطفت القصر عريانة، وأنا حنقة عليه ثم عاودنا اللعب فغلبته، فأمرته أن يذهب إلى المطبخ، فيطأ أقبح جارية وأوشهها خلقة فيه فاستعفاني من ذلك فلم أعفه، فبذل إلى خراج مصر والعراق فأبيت، وقلت: والله لتفعلن ذلك فأبى، فألححت عليه، وأخذت بيده وجئت به للمطبخ، فلم أر جارية أقبح ولا أقذر ولا أشوه خلقة من أمك مراجل، فأمرته أن يطأها فوطئها، فعلقت منه بك فكنت سببا لقتل ولدي وسلبه ملكه. فولى المأمون وهو يقول: لعن الله الملاححة أي التي ألح عليها حتى أخبرته بهذا الخبر.
وقتل الأمين وهو ابن ثمان وعشرين سنة وقيل سبع وعشرين وكان طويلا أبيض بديع الحسن. وكانت خلافة أربع سنين وثمان شهور وقيل ثلاثة أعوام وأياما لأنه خلع في رجب سنة ست. ومن حسب له موته فخلافته خمس سنين خلا أشهرا وكان مبذرا للأموال لعابا لا يصلح للخلافة وكان مشتغلا باللهو والقصف والإقبال على اللذات فقال فيه بعضهم من أبيات:

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 115
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست