responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 101
بالخلافة يوم موت أخيه الوليد. وكان سليمان بالرملة، فلما جاءته الخلافة عزم على الإقامة بها، ثم توجه إلى دمشق وكمل عمارة الجامع الأموي كما تقدم، وجهز أخاه مسلمة بن عبد الملك في سنة سبع وتسعين إلى غزو الروم، فانتهى إلى القسطنطينية فنازلها. وستأتي الأشارة إلى شيء من ذلك في باب الجيم في لفظ الجراد.
ومما يحكى من محاسنه رحمة الله تعالى أن رجلا دخل عليه فقال: يا أمير المؤمنين أنشدك الله والآذان. فقال له سليمان: أما أنشدك الله فقد عرفناه، فما الآذان؟ قال: قوله «1» تعالى فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ
فقال له سليمان: ما ظلامتك؟ قال ضيعتي الفلانية غلبني عليها عاملك فلان، فنزل سليمان رحمه الله عن سريره ورفع البساط ووضع خده بالأرض، وقال:
والله لا رفعت خدي من الأرض، حتى يكتب له برد ضيعته، فكتب الكتاب وهو واضع خده، رحمه الله لما سمع كلام ربه، الذي خلقه وخوله في نعمه، خشي على نفسه من لعنة الله تعالى وطرده. قيل أنه أطلق من سجن الحجاج ثلاثمائة ألف ما بين رجل وامرأة، وصادر آل الحجاج، واتخذ ابن عمه عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه، وزيرا ومشيرا، وإنه أراد أن يستكتب يزيد بن أبي مسلم وزير الحجاج، فقال له عمر بن عبد العزيز: سألتك بالله يا أمير المؤمنين لا تحيي ذكر الحجاج باستكتابك يزيد! فقال له: يا عمر إني لم أجد عنده خيانة في درهم ولا دينار، فقال له: إن إبليس أعف منه في الدرهم والدينار، وقد أغوى الخلق كلهم جميعا فأضرب سليمان عما عزم عليه. وفي كامل المبرد وغيره أن يزيد هذا دخل على سليمان بن عبد الملك، وكان يزيد دميما قبيحا، فقال له سليمان: قبح الله رجلا أجرك رسنه «2» ، واشركك في أمانته فقال: يا أمير المؤمنين لا تقل هذا. قال: ولم؟ قال: لأنك رأيتني والأمر عني مدبر ولو رأيتني والأمر علي مقبل لاستحسنت ما استقبحت مني، ولاستعظمت ما استصغرت مني. فقال له سليمان:
ويحك أو قد استقر الحجاج في قعر جهنم بعد أم لا؟ فقال: يا أمير المؤمنين لا تقل ذلك في الحجاج قال:
ولم؟ قال: لأن الحجاج وطأ لكم المنابر، وأذل لكم الجبابر، وإنه يأتي يوم القيامة عن يمين أبيك، ويسار أخيك، فحيثما كانا كان.
وكان سليمان رحمه الله، فصيحا أديبا بليغا، مؤثرا للعدل، محبا للغزو، محسنا لعلم العربية. ويرجع إلى دين وخير واتباع القرآن، واظهار شعائر الإسلام، مترفعا عن سفك الدماء.
وكان شرها نكاحا قال ابن خلكان في ترجمته: إنه كان يأكل في كل يوم نحو مائة رطل شامي، وكان به عرج.
ولما ولي، رد الصلاة إلى ميقاتها الأول، وكان من قبله من خلفاء بني أمية يؤخرونها إلى آخر وقتها، ولذلك قال محمد بن سيرين رحمه الله تعالى: إن سليمان افتتح خلافته بخير واختتمها بخير، افتتحها بإقامة الصلاة لميقاتها الأول، وختمها باستخلافه لعمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 101
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست