اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 79
ثم المقارنة بين أحوال الشرق وأحوال الغرب ثانيًا، واختار لتلك المعارف والمقارنة قلب الحكاية، واتخذ صورة الرحلة من مصر إلى أوروبا شكلًا لهذه الحكاية، ثم آثر جعل بطلها شيخًا ريفيًّا مصريًّا أزهريًّا مستنيرًا يصاحب في تلك الرحلة عالمًا إنجليزيا، تعرف به في مصر وهيأ له -بعد أن أعجب به- أن يصحبه إلى أوروبا، ومما يدور بين البطل والعالم الإنجليزي، ومما يكون في الرحلة من مواقف عديدة، يقدم المؤلف مجموعة كبيرة من المعلومات، في العلوم الإنسانية والطبيعية وغيرها، كما يعقد مقارنات بين الشرق والغرب.. ومن هنا كان هذا العمل رواية؛ لأنه اتخذ شكل الرحلة وحكايتها، ثم هو تعليمي؛ لأنه لا يقصد إلى غرض فني أدبي، بل إلى غرض ثقافي تربوي، هو تقديم هذه المعارف والمقارنات في إطار مشوق[1].
وواضح أن هذا العمل يتفق مع ما سبق أن ألفه رفاعة الطهطاوي من قبل، باسم "تخليص الإبريز في تلخيص باريز"، فكلاهما معلومات ومعارف تقدم في شكل رحلة، وكلا المؤلفين أزهري مصري يجمع إلى ثقافته الشرقية العربية الدينية، ثقافة أوروبية حديثة، وإن كان علي مبارك تخصص في الهندسة، ورفاعة تخصص في الأدبيات، غير أن عمل علي مبارك قد اعتبر رواية تعليمية على حين اعتبر عمل رفاعة بذورًا لهذا اللون فحسب؛ لأن عمل رفاعة خال تمامًا من العناصر الروائية، باستثناء عرضه للرحلة الواقعية -التي قام بها المؤلف- في صورة يغلب عليها جانب التقريرات الرسمية، والترجمة والسرد العلمي في كثير من المواطن، حتى لقد سمى المؤلف كل فص باسم "مقالة". [1] عن تحليل هذا العمل وتقويمه اقرأ: تطور الرواية العربية للدكتور عبد المحسن بدر ص61، وما بعدها.
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 79