اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 75
العادات وتتحول الأخلاق، وليس بين غاية النقص والكمال، إلا أن ينادي على الناس باتباع آرائهم، تلك ظنونهم التي تحدثهم بها معارفهم المكتسبة من الكتب والمطالعات، وإنهم وإن كانوا أصابوا طرفًا من الفضل من جهة استقامة الفكر في حد ذاته، وارتفاع الهمة وانبعاث الغيرة، لكنهم أخطأوا خطأ عظيمًا، من حيث إنهم لم يقارنوا بين ما حصلوه، وبين طبيعة الأمة التي يريدون إرشادها. ولم يختبر قابلية الأذهان، واستعدادات الطبائع للانقياد إلى نصائحهم، واقتفاء آثارها"[1]. [1] أدب المقالة الصحفية، للدكتور عبد اللطيف حمزة جـ2 ص83، وما بعدها.
4- الخطابة وانتعاشها:
أما هذا اللون من ألوان النثر، فقد كان من أهم وسائل تنمية الوعي وإنضاجه، كما كان من أهم وسائل التعبير عن الدعوات الإصلاحية في السياسة والاجتماع، ثم كان قبل ذلك كله من أبرز الفنون الأدبية التي تأثرت بالوعي، وبحركة الإصلاح في شتى نواحيه.
فالخطابة قد وجدت دواعيها، وكثرت ميادينها في تلك الفترة، بعد أن كانت في عهود التخلف قد انحصرت -أو كادت- في الميدان الديني، وفي أضيق مجالاته، وهو خطبة الجمعة وما ماثلها من خطب العيدين، على أن تلك الخطابة الدينية المحصورة في هذا النطاق ضيق، كانت قد تجمدت -غالبًا-، وأصبح أغلب الخطباء يقرءون الخطبة من كتب معدة في عصور سابقة، وكثيرًا ما لا يتناسب موضوع الخطبة، ولا أسلوبها مع الموقف أو حال المستمعين، فلما كانت فترة الوعي وجدت دواع مختلفة أفسحت الطريق أمام الخطابة لتأخذ طريقها إلى أفق رحب مضيء.
ففي ميدان السياسة، وجد -إلى جانب الجمعيات السياسية التي كانت مدارس الخطابة[1]- "مجلس شورى النواب" الذي نما فيه الوعي بعد فترة [1] انظر: Studies on the of Islam Gibb. p 253.
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 75