responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل    الجزء : 1  صفحة : 63
الشاعر من أصحاب الاتجاه المحافظ ذلك كله، رمزًا إلى صور جديدة وتعبيرًا عن معان حديثة، وهو في ذلك صادق غالبًا، إذا استثنينا ما يكون من رياضة القول في أول عهود التأدب، نعم هو صادق مع نفسه، ومع فنه ومع طبيعة عصره. ذلك العصر الذي عرفنا أنه كان مشدود الوجدان إلى الماضي العربي العظيم، وإلى تراثه الجيد المشرق[1].
ومهما يكن من أمر، فقد استطاع هذا الأسلوب أن يعبر -في تلك الفترة- عن الشاعر وحياته وتجاربه، وعن وطن الشاعر ومشكلاته وقضاياه، بل استطاع أن يسجل بعض الأحداث الكبيرة التي وقعت خارج الشاعر وبعيدًا عن وطنه، وقد أدى هذا الاتجاه الشعري كل ذلك بتوفيق، وصل أحيانًا إلى حد الروعة، ونقل الشعر العربي الحديث معه إلى النور والحياة[2].
فالبارودي مثلًا يعبر عن تجربة البعد عن الوطن، والحنين إلى الأهل والأحباب، أيام كان بعيدًا عن مصر ليشارك في حرب البلقان، فيقول:
هو البين حتى لا سلام ولا رد ... ولا نظرة يقضي بها حقه الوجد
ولكن إخوانا بمصر ورفقة ... نسوا عهدنا حتى كأن لم يكن عهد
أحن لهم شوقًا على أن دوننا ... مهامه تعيا دون أقربها الربد
أفي الحق أنا ذاكرون لعهدكم ... وأنتم علينا ليس يعطفكم ود
فلا تحسبوني غافلًا عن ودادكم ... رويدًا فما في مهجتي حجر صلد
هو الحب لا يثنيه نأي وربما ... تأرج من مسر الضرام له النّد3
وهو يصور حال مصر قبل الثورة العرابية، وما ضاقت به من تأزم

[1] راجع ما كتب عن روح هذه الفترة في المقالات التمهيدية من هذا الفصل، وخاصة المقال رقم 2 - إحياء التراث العربي.
[2] اقرأ شعراء مصر وبيئاتهم للعقاد، في حديثه عن البارودي، واقرأ مقدمة ديوان البارودي بقلم الدكتور محمد حسين هيكل.
3 ديوان البارودي جـ1 ص161، وما بعدها.
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل    الجزء : 1  صفحة : 63
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست