اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 46
[2]- إحياء التراث العربي:
وكان من نتاج هذا الوعي النامي في تلك الفترة، أن أحس كثير من المثقفين بوجوب إبراز عظمة بلادهم، وإشراق تاريخهم، ورقي ثقافتهم، وجلال حضارتهم، وأنهم هم وحضارتهم ليسوا عالة على ما جاء من الغرب، وخاصة إذا كان ما جاء من الغرب ملكًا في حقيقته لأولئك الأجانب الذين يمثلون السيطرة والاستغلال والتعالي، وهكذا أراد هؤلاء المثقفون أن يواجهوا الثقافة
الحقوق، كذلك عملا على افتتاح كثير من المدارس الابتدائية والثانوية، ونتيجة لدعوة رفاعة إلى تعليم المرأة، افتتحت أول مدرسة للبنات، وحين رأى علي مبارك أن الهوة قد اتسعت بين التعليم الجديد الممثل في المدارس، وبين التعليم القديم الممثل في الأزهر، وأن الأزهر بصورته التي كان عليها في تلك الآونة لم يعد صالحًا لإمداد التعليم الحديث بالمدرسين الأكفاء، والمؤلفين الواعين، أنشأ مدرسة عالية تجمع بين القديم الصالح والجديد الحي، ويكون من أغراضها إمداد الدولة بالمدرسين والمؤلفين المتطورين، وهكذا أنشئت دار العلوم، وافتتحت سنة 1871 لتمثل اللقاء المتزن بين الثقافتين القديمة والحديثة، ولتخرج من لا نزال نرى تعاقب أجيالهم، وتتابع آثارهم في ميادين التعليم والتأليف، وفي آفاق اللغة العربية وآدابها، والدراسات الإسلامية[1].
ولقد ساعد على نشر التعليم الحديث، وعلى طائفة من المثقفين، وإدراكهم أن الجهود الأهلية يجب أن تؤازر الجهود الرسمية؛ فقد تألفت جمعية سميت باسم "اتحاد الشبيبة المصرية" سنة 1879، ودعت إلى إنشاء المدارس لتعليم أبناء الشعب[2]، وبهذا تعددت المدارس بمختلف المستويات، وخطة الحركة التعليمية خطوات واسعة، وكان لذلك أثره في خلق طبقة كبيرة من المثقفين، كما كان أثره في إنماء الوعي. [1] اقرأ في تاريخ دار العلوم تقويم دار العلوم لمحمد عبد الجواد. [2] انظر تاريخ التعليم في مصر -عصر إسماعيل لأحمد عزت عبد الكريم ص76.
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 46