اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 298
الحارة المتدفقة، لا بالبيان المنمق، ولا بالذهن المتفلسف، وسوف تتضح تلك التسمية بصورة أكثر جلاء، حين أعرض للخصائص الفنية لهذا الاتجاه[1].
أما تلك الظروف التي هيأت التربة لظهور هذا الاتجاه، وجعلت منه اتجاهًا ضروريًّا -في ذلك الحين- لسد الفراغ في الحياة الفنية، فأهمها ذلك الصراع الذي كان قد احتدم بين المحافظين البيانيين وعلى رأسهم شوقي، وبين المجددين الذهنيين وعلى رأسهم العقاد، فهذا الصراع الذي بدأ في أوائل القرن العشرين، ووصل إلى ذروته مع كتاب "الديوان" سنة 1921 [2] قد كشف القناع عن محاسن كل من الاتجاهين ومساوئهما، فاتضح أجمل ما في الاتجاه البياني من روعة الأسلوب وجمال الصياغة، ورونق الموسيقى، ومائية الشعر، واتضح كذلك أجمل ما في الاتجاه الذهني من اهتمام بالصدق الفني، والتفات إلى الجانب الوجداني، واتجاه إلى التعبير عن نزعات النفس، وحقائق الكون، وأسرار الطبيعة، هذا إلى الاهتمام بالوحدة العضوية، والصورة الشعرية. كذلك برز -من خلال هذا الصراع- أقبح ما في الاتجاهين، من تأس لخطى السابقين، واتجاه إلى المناسبات، وميل إلى الخطابية عند المحافظين[3]، ومن برود ذهني، وجفاف شعري، وميل إلى العقلانية عند المجددين[4]، ومن هنا كانت الفرصة متاحة أمام جيل الشباب من الشعراء لكي يختار أحسن ما في الاتجاهين، ويتجنب أسوأ ما فيهما، وأن يمزج بين محاسن كل حين يقول شعرًا يريد له أن ينجو مما تورط فيه الجيلان السابقان من محافظين، ومجددين على السواء. [1] اقرأ الفقرة التي عنوانها "خصائصه من حيث الأسلوب، وطريقة الأداء"، والفقرة التي عنوانها "خصائصه من حيث المضمون". [2] انظر: الفصل الثالث -المقال رقم2 من مقالات الشعر، مبحث أ. [3] انظر: الفصل الثالث -المقال رقم 1 من مقالات الشعر، المبحث د. [4] انظر: الفصل الثالث -المقال رقم من مقالات الشعر، مبحث جـ.
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 298