اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 287
كامل لموضوع واحد، هو سيرة الرسول وبطولاته وغزواته، أما بعد ذلك فهو -في جملته- قصائد غنائية تستلهم مادة تاريخية، ولا تؤلف ملحمة إلا على سبيل التجوز، واعتبار الحديث عن البطولة بالشعر المتسم بالطول والإفاضة، كافيًا لإطلاق هذا الاسم[1].
وهذه أبيات من القصيدة الأولى، التي تحمل عنوان: "مطلع النور الأول"، وفي هذه الأبيات يتحدث الشاعر عن ثبات محمد صلى الله عليه وسلم؛ وعدم استجابته لإغراء قومه بالملك والمال، حتى يصرفوه عن دعوته:
جاءه عمه يقول: أترضى ... أن يقيموك سيدًا أو أميرا
ويصبوا عليك من صفوة الما ... ل، حيًا ماطرًا وغيثًا غزيرا
لو أتوني بالنيرين لأعرضـ ... ـت أريهم مطالبي والشقورا2
إن يشيروا بما علمت فإنى ... لأدع الهوى وأعصي المشيرا
دون هذا دمي يراق، ونفسي ... تطعم الحتف رائعًا محذورًا3
...
على أن محاولة شوقي برغم نجاحها، إنما كانت محاولة للتجديد في فن الشعر بعامة، وليست محاولة للتجديد في مجال الشعر الغنائي بخاصة، فهي تهدف إلى عمل شعر "درامي"، وهو نوع من الشعر مغاير في حقيقته للشعر الغنائي من الناحية الفنية، وإن خدمت الشعر العربي بوجه عام، وفتحت أمامه ميدانًا من أخصب الميادين. [1] منذ عصر النهضة حاول عدد من الأدباء في العالم عمل ملاحهم بمفهومات مختلفة عن المفهوم القديم للملحمة، فمثلًا وجدت الملحمة الأدبية التي تعتمد على الفكرة، والمعاني المجردة، والتي تقابل الملحمة التاريخية التي تعتمد على التاريخ الممزوج بالأساطير، لكن ملحمتي هومير بقيتا تمثلان النسق الأعلى للملاحم وترشمانه. انظر: المفهوم الصحيح لهذا النوع الأدبي في الأدب ومذاهبه للدكتور محمد مندور ص22-25، وانظر: الأدب وفنونه للدكتور عز الدين إسماعيل ص126-128.
2 الشقور: الحاجات والأمور المتصلة بالقلب، جمع شقر.
3 ديوان مجد الإسلام ص5.
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 287