responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل    الجزء : 1  صفحة : 285
المقالة وتميز الأساليب الفنية
...
ومن سمات هذه الطريقة بعد هذا، الابتعاد عن الزخرف بكل ألوانه، وذلك باستثناء بعض السجع الذي قد يؤتي به قليلًا في المواقف المحتاجة إلى رنين يقرع السمع، كمواقف السخرية والتحدي والدعابة، وما إلى ذلك.
ويمكن أن نتبين طريقة "التعبير المحكم" التي أسمينا بها طريقة العقاد، في هذا النموذج التالي، وهو جزء من مقال للكاتب الراحل بعنوان "الألم واللذة"، وفيه يقول:
"أما أن الألم موجود في هذه الدنيا فمما لا يختلف فيه اثنان، وأما أنه فوق ما تقبله النفوس فمما لا يختلف فيه إلا القليل، وأما أنه نافع أو غير نافع ومقدم للحياة أو مثبط لها، فذلك ما يختلف فيه الكثيرون".
"ورأيي في هذا الخلاف أن الألم ضرورة من ضرورات الحياة، وحسنة من حسناتها في بعض الأحيان، وحالة لا تتخيل الإنسانية بدونها على وجه من الوجوه".
"أما تفصيل هذا الرأي، فهو أن الشعور بالنفس يستلزم الشعور بغير النفس؛ فهذه الـ"أنا" التي تقولها، وتجمل فيها خصائص حياتك، ومميزات وجود وتعرف بها نفسك مستقلا عما حولك منفردًا بإحساسك، هي نصيبك من الحياة الذي لا نصيب لك غيره، وهي تلك "الذات" التي لا تشعر بها إلا إذا شعرت بشيء مخالف لها في هذا العالم الذي يحيط بها، فأنت لا تكون شيئًا له حياة ولذات وآلام ومحاب ومكاره، إلا إذا كانت في العالم أشياء أخرى غيرك، ولا تكون هذه الأشياء الأخرى معك إلإ إذا كان منها ما يلائمك، وما لا يلائمك، أو ما يسرك وما يؤلمك".
"فإذا أردت حياة لا ألم فيها، فأنت تريد إحدى حياتين: فإما أن تكون وحدك في هذا الوجود، وهذا حياة لا يتخيل العقل كيف تكون، ولو تخيلها لما أطاق احتمالها، وكيف ونحن نرى أن الأديان الكبرى كلها تعلمنا أن الله خلق الخلق ليعرفه غيره بعد أن كان ولا شيء سواء؟؟ فإذا كانت النفس البشرية لا تقوى على أن تتصور إلهًا منفردًا بالوجود، فكيف تراها تطيق

جـ- محاولات تجديدية:
ولعل المحاولة الوحيدة الجادة في مجال التجديد الشعري من جانب المحافظين هي تلك المحاولة التي قام بها شوقي لتطويع الشعر للمسرح، والحق أن هذه المحاولة ليست وليدة تلك الفترة التي يساق عنها الحديث، ولم يتجه إليها شوقي في تلك السنوات فقط، وإنما بدأها من قبل ذلك بسنين[1]، ولكن الحق أيضًا، أن شوقي كان قد انصرف عن كتابة المسرحيات الشعرية منذ خاب أمله بعد كتابة مسرحيته الأولى "علي بك الكبير"، التي ألفها في فرنسا سنة 1893، ولكنه تحت عبء الإحساس بالجمود، وإزاء الاتهام بالتخلف، وأمام هجمات دعاة التجديد في هذه الفترة؛ اتجه من جديد إلى الشعر المسرحي منذ سنة 1927، ووالي إخراج مسرحياته الشعرية من ذلك التاريخ حتى سنة 1932، فأخرج في هذه السنوات: "مصرع كليوباترا" و"مجنون ليلى" و"قمبيز" و"عنترة" و"الست هدى"، كما أعاد كتابة مسرحيته الشعرية الأولى "علي بك الكبير" بما يتلاءم مع مستواه الشعري والفني الجديد، وربما يجنبه الأخطاء التي تورط فيها حين أقدم على المحاولة لأول مرة[2].
وربما اعتبرت محاولة أخرى لأحمد محرم، في المحل الثاني من هذه المحاولة؛ وذلك أنه أراد أن يطوع الشعر للقصص التاريخي الحماسي الطويل، فألف نحو سنة 1933 "ديوان مجد الإسلام3" ليحكي بالشعر سيرة

[1] كتب أولى مسرحياته "علي بك الكبير"، وهو في باريس سنة 1893.
[2] انظر: مسرحيات شوقي لمحمد مندور، والمسرحية في شعر شوقي للدكتور محمود شوكت.
واقرأ الدراسة التي كتبتها عن مسرحيات شوقي في الفصل الخاص بها في كتابي "الأدب القصصي والمسرحي في مصر".
3 انظر: "ديوان مجد الإسلام"، المقدمة التي كتبها المشرف على تصحيحه محمد إبراهيم الجيوشي ص هـ.
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل    الجزء : 1  صفحة : 285
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست