اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 283
من ذا يرى دمه أعز مكانة ... من أن يخصب في فلسطين الربا
وطن يعذب في الجحيم وأمة ... أعزز علينا أن تصاب وتنكبا
إنا لنعلم أن آكل لحمهم ... سيخوض منا في الدماء ليشربا1
ب- من الناحية الفنية:
أما من الناحية الفنية، فإن زعماء الاتجاه المحافظ البياني ظلوا على طريقتهم في محافظتها على تقاليد الشعر العربي التي حددتها عصور الازدهار، ووقفوا عند ما ألفوا من الاهتمام قبل كل شيء بالجانب البياني، وجعل إتقان الصياغة في المحل الأول[2]، شأنهم في ذلك شأن "الكلاسيكيين" الذين تعد الصياغة المتقنة أبرز خصائصهم[3].
وليس من شك أنهم أحسوا بحرج موقفهم، وخاصة بعد الهجوم العنيف الذي وجه إليهم من أصحاب الاتجاه التجديدي الذهني، وبصفة أخص، بعد ظهور كتاب "الديوان"، الذي أخرجه العقاد والمازني، وجعلا من أهم أهدافه هدم هؤلاء المحافظين، بتحطيم زعيمهم شوقي عن طريق نقد شعره وبيان ما فيه من تخلف، وبعد عن الفن الشعري الذي يتطلبه العصر[4].
وقد عبر حافظ عن هذا الإحساس عند الشعراء المحافظين، حين قال:
ملأنا طبقا الأرض وجدًا ولوعة ... بهند ودعد والرباب وبوزع
وملت بنات الشعر منا مواقفًا ... بسقط اللوى والرقمتين ولعلع
تغيرت الدنيا وقد كان أهلها ... يرون متون العيس ألين مضجع
1 انظر: شعراء الوطنية للرافعي ص210. [2] انظر: تفصيل مذهبهم في الفصل الثالث، المبحثين جـ، د من مباحث المقال رقم 1 من المقالات الخاصة بالشعر. [3] انظر: Wat is classic T, Eliot p,9 [4] ظهر الديوان سنة 1921، وتولى العقاد نقد شوقي والرافعي، وتولى المازني نقد المنفلوطي وشكري، وكان نقد المازني لشكري خارجًا عن طبيعة الكتاب؛ لأن شكري من عمد التجديد، وكان النقد له بدوافع شخصية.
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 283