اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 274
وزعماء الاتجاه المحافظ برغم أنهم عنوا كثيرًا بالصراع السياسي، واهتموا بالحديث عن الدستور، والبرلمان والأحزاب والزعماء، وبرغم أنهم صوروا التحول "الأيديلوجي"، وسجلوا الحماس البالغ للوطنية المحلية، وما تؤججه من فكرة فرعونية -برغم ذلك كله، لم ينسوا قضية الإنجليز ووجوب جلائهم، كما لم يحولوا أنظارهم عن إخوانهم العرب والمسلمين، ووجوب الانتصار لهم. أو بتعبير أكثر إيجازًا: لم يصرفهم الاشتغال بالصراع الداخلي، عن النضال في المجال الخارجي، وإن كانوا قد جعلوا من الميدان الأول أهم الميدانين، بل اتخذوا من الميدان الثاني طريقًا لخدمة الميدان الأول في كثير من الأحايين.
فنحن أولًا نرى زعماء الاتجاه المحافظ ينددون في مناسبات عددية بالإنجليز، ويشككون في نواياهم، ويحذرون الزعماء من حيلهم، ويتوجسون مما يبدو من خير على أيديهم، ويطالبون بالجلاء للخلاص منهم، ونحن ثانيًا نرى هؤلاء الشعراء قد تعلقت أنظارهم بالأقطار الإسلامية، والبلاد العربية، وسجلوا أهم أحداثها، وغنوا أفراحها وبكوا مآسيها، ولم تخلعهم فكرة الوطنية المحلية، وما تؤججها من فرعونية، من الارتباط شعوريًّا بأبناء دينهم المسلمين وأبناء لغتهم العرب، وظلوا إلى تحركهم في دائرة الوطنية بعمق، يتحركون في دوائر العروبة، والإسلام والشرق، دون تمييز دقيق بين هذه الدوائر في كثير من الأحايين.
ونتيجة لعدم نسيان مشكلة الإنجليز، وقضية الجلاء -برغم الاهتمام الزائد بالصراع السياسي- وجدنا شاعرًا كشوقي، يقول في قصيدة له سنة 1922 متحدثًا عن مصر، وخديعة الإنجليز لها بتصريح 28 فبراير، وعن وجوب مواصلة النضال ضد المحتلين حتى يتحقق الاستقلال الحق:
ربحت من التصريح أن قيودها ... قد صرن من ذهب وكن حديدا
يا فتية النيل السعيد خذوا المدى ... واستأنفوا نفس الجهاد مديدا1
1 الشوقيات جـ1 ص127.
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 274