اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 238
نفسه في كثير من المواقف المشرقة، التي تشهد بأنه لا يمكن أن يقهر مهما كانت قوى الشر التي تحاربه، أو تحاول تعويق خطاه على طريق النصر، فقد قابل ممثلو الأمة قرارات حل البرلمان في عهود الانقلاب الدستوري، وسد مداخل دار النيابة بالجنود المدججين بالسلاح؛ قابلوا ذلك بالتحدي والاجتماع على شكل برلمان في أماكن أخرى، ثم اتخذوا قرارات جريئة تدين الحكومات الانقلابية بالاعتداء على الدستور والحريات، حدث ذلك في عهد زيور[1]، كما حدث في عهد محمد محمود[2]، كما حدث في عهد صادق[3].
كذلك قابل كتاب الأمة، ومفكروها إجراءات المصادرة وكبت الحريات، بالصيحات الحرة والكتابات الجريئة، التي دفعت بعدد منهم إلى السجن، كما حدث للأستاذ العقاد، حين هاجم فؤادًا الملك الطاغية تحت قبة البرلمان[4].
بل إن كثيرين من أبناء الشعب قد قابلوا القهر بالتمرد، والعدوان بالثورة، وعرضوا أجسادهم لسياط العذاب، بل فتحوا صدورهم لرصاص القتل[5]. وتاريخ مصر الحديث مزدان بكثير من أسماء هؤلاء الأبطال الذين سقطوا في سبيل الحرية، وفي مقدمة هؤلاء تأتي أسماء شهداء سنة 1935: عبد الحكم الجراحي طالب الآداب، وعبد المجيد مرسي طالب الزراعة، [1] انظر: في أعقاب الثورة المصرية جـ1 ص236 وما بعدها. [2] انظر: في أعقاب الثورة المصرية جـ2 ص61 وما بعدها. [3] انظر: في اعقاب الثورة المصرية جـ2 ص118 وما بعدها. [4] كان صدقي قد تولى الحكم 1930 وأصبح من المتوقع -كما هي العادة- حل البرلمان وتعطيل الدستور، فاجتمع البرلمان اجتماعًا خاصًا للنظر فيما يراد بدستور البلاد، ونوقش الموضوع، ووقف العقاد خطيبًا، فكان مما قاله: "إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس يخون الدستور، أو يعتدي عليه"، وكان من الواضح أن المقصود هو الملك فؤاد، فدبر للعقاد قضية عيب في الذات الملكية، وحكم عليه بالسجن تسعة أشهر "انظر: العقاد -دراسة وتحية ص64-65". [5] انظر: في أعقاب الثورة المصرية جـ2 ص119، وما بعدها وص50 وما بعدها، وص174 وما بعدها.
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 238