اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 135
ويقول في الفلاحة حاملة الجرة:
حاملة الجرة تمشي بها ... منيرة الطلعة وسط الزحام
كراية حمراء معقودة ... لقائد سار بجيش لهام
لولا اعتدال العنق من تحتها ... وهزة العطف بها والقوام
أرقتها من ثقلها مشفقًا ... ولو شكا أهلك حر الأوام
يا مي ما أغناك عن جرة ... لو شئت كانت في عيون الأنام
وأنت لو حملتها عمدة ... لنال تشريفًا وأعلى مقام
عساك تبغين بها رأفة ... يا مي إرواء صوادي الغرام1
وإلى جانب الشعر الوطني الإسلامي والاجتماعي والذاتي، يكثر عند الشعراء المحافظين شعر المناسبات والمجاملات، فهم قد مدحوا، ورثوا، وهنأوا، وقرظوا، وعاتبوا، وداعبوا، وهجوا، وذلك على تفاوت بينهم بطبيعة الحال.
كما أنهم أسهموا بشعرهم في تسجيل بعض الأحداث العالمية الكبرى كزلزال مدمر[2]، أو حرب ضروس[3]، ونحو ذلك. كل هذا مع بقاء الملاحظة التي سبق تسجيلها في أول هذا الحديث، وهي أن طابع النضال في جميع مجالاته، كان طابعًا بارزًا في شعر هؤلاء المحافظين، فهم قد كانوا بحق مستجيبين للطابع العام لتلك الفترة، وهو طابع النضال، فقد ناضلوا من أجل الجامعة الإسلامية لمواجهة أطماع الغرب في ذلك الحين، وناضلوا من أجل الوطن وتخليصه من سيطرة القصر وقيود الاحتلال، كما ناضلوا من أجل رقى المجتمع، وإنهاضه مما فرض عليه من تخلف، وهم قد أبلوا -في جملتهم- أحسن البلاء، حين استخدموا الشعر سلاحًا في معركة النضال.
1 المصدر السابق ص131. [2] ديوان حافظ جـ1 ص215. [3] الشوقيات جـ1 ص30-48.
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 135