اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 116
في ذمة الله -أوفى ذمة- نفر ... على طرابلس يقضون شجعانًا1
وإذا كان بعض الشعراء قد استمد كثيرًا من تحمسه للخليفة والخلافة مما يجري في عروقه من بعض دم تركي، فإن جمهرة الشعراء قد كانوا مدفوعين إلى تمجيد الخلافة والخلفاء، ومؤازرة جنده بفكرة الجامعة الإسلامية، التي كانت هدفًا سياسيًّا نبيلًا في ذلك الحين.
علاقتهم بالحاكم:
والملاحظ كذلك أن أكثر الشعراء المحافظين قد مدحوا الخديو، ومن جاء بعده من الحاكمين، والحق أن معظم هذا المدح كان بدافع تعلق الآمال بالحاكم، ورجاء أن يعمل لخدمة الوطن، فمثلًا كانت أكثر الأمداح التي وجهت إلى عباس الثاني بسبب ما ظهر به في أول عهده من اصطناع الوطنية، ومعاداة الإنجليز، أي أن ما وجه إليه من أمداح -كان في جملته- مشاركة في النضال باعتبار هذا الحاكم قد كان في الفترة التي يمدحه فيها جل الشعراء، يمثل مؤازرة الوطنيين وخصومة الاحتلال، ولذا نرى طائفة الشعراء الوطنيين الصرحاء ينصرفون عنه بمجرد مهادنته للإنجليز، ومعاداته للمناضلين، بل إن بعض هؤلاء الشعراء لم يكتف بالانصراف عنه، وإنما تجاوز ذلك إلى نصحه، ثم إلى نقده، وأخيرًا إلى هجائه في صورة تبلغ حدًّا رائعًا من الشجاعة والجرأة والفدائية.
يقول علي الغاياتي مخاطبًا عباسًا الثاني بعد أن تنكر للمناضلين وهادن الإنجليز.
أعباس هذا آخر العهد بيننا ... فلا تخش منا بعد ذاك عتابًا
أيرضيك فينا أن نكون أذلة ... ننال إذا رمنا الحياة عقابًا؟
وأرضيت أعداء البلاد وأهلها ... وأصليتنا بعد الوفاق عذابًا2
1 الشوقيات جـ1 ص303.
2 وطنيتي ص43-44.
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 116