اسم الکتاب : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر المؤلف : ابن أبي الأصبع الجزء : 1 صفحة : 491
ميقاتهم أجمعين " وكقوله في الاحتجاج القاطع للخصم: " وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم، قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم " وكقوله تبارك وتعالى وقد أراد أن يبين عن تقريع الكفار: " أفنضرب عنكم الذكر صفحاً أن كنتم قوماً مسرفين " وكقوله تعالى وقد أراد أن يبين عن التحير: " ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون " وكقوله تعالى وقد أراد أن يبين عن العدل: " ولو ردوا لعادوا لما نهو عنه " وأمثال هذه المواضع كثيرة لمن يتتبعها.
ومما جاء من ذلك في الشعر قول أبي العتاهية منسرح:
يضطرب الخوف والرجاء إذا ... حرك موسى القضيب أو فكر
وكقول الآخر طويل:
له لحظات عن خفافي سريره ... إذا كرها فيها عقاب ونائل
فإن هذين الشاعرين أرادا مدح هذين الممدوحين بالخلافة، ووصفهما بالقدرة المطلقة وعظم المهابة بعد الله سبحانه، فإذا نظر أحدهما نظرة، أو حرك القضيب مرة، أو أطرق مفكراً لحظة، اضطرب الخوف والرجاء في قلوب الناس، فأبانا عن هذه المعاني أحسن إبانة بخلاف قولي طويل:
بكفيه نفع العالمين وضرهم ... فنعمى لذي حسني وبؤسي لمجرم
اسم الکتاب : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر المؤلف : ابن أبي الأصبع الجزء : 1 صفحة : 491