اسم الکتاب : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر المؤلف : ابن أبي الأصبع الجزء : 1 صفحة : 326
أبقى الحوادث والأيام من نمر ... أسباد سيف صقيل أثره باد
تظل تحفر عنه إن ضربت به ... بعد الذراعين والساقين والهادي
وقد تأول بعضهم هذا البيت تأويلاً لو صح تخلص به قائله من العيب، وهو أن قوله:
بعد الذراعين والساقين والهادي
لم يرد أنك تحفر عنه بعد حفرك على هذه الأعضاء، لأنه لم يرد إلا أعضاء المضروب لا أعضاء الضارب، يعني بعد قده الذراعين والساقين والهادي، وهذا عندي لا يخلصه، فإنه على هذا التأويل لم يخرج عن كونه غلوا غير مقترن بما يخلص. والذي هو أقرب منه بحيث لا يجوز أن يؤتى به في باب الغلو ولا يخرج عن كونه مبالغة قول النابغة في صفة السيوف طويل:
تقد السلوقي المضاعف نسجه ... ويوقدن في الصفاح نار الحباحب
وما تجاوز حد المبالغة فهو غلو، لا سيما وهو غير مقترن، وإذا ثبت أن بيت النابغة أحسن أحواله أن يعد من المبالغة لا من الإغراق، وأن بيت النمر قد تجاوز حدث فهو من الغلو ولما كان ما جاء من الغلو مستحسناً، لا يكون إلا باقترانه بما تقدم، وما جاء منه غير مقترن كان مستقبحاً. وجاء بيت النمر غير مقترن علم أنه من الغلو المستقبح. والله أعلم.
اسم الکتاب : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر المؤلف : ابن أبي الأصبع الجزء : 1 صفحة : 326