اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 355
كتاب الصناعتين نموذج للكتاب المدرسي الذي لم يأتي بجديد إطلاقاً
ومع أن كتاب الصناعتين لأبي هلال العسكري (- 395) لم يؤلف لإثبات الإعجاز، فإن هذه الفكرة كانت من العوامل الكبيرة التي وجهت المؤلف إلى تصنيف ذلك الكتاب، فهو في نهاية المطاف بلاغي الطابع، وإن لم يفصل كثيراً بين البلاغة والنقد مثلما مزج شواهده وقواعده كي تكون صالحة لقياس الصناعتين معاً، أي الشعر والنثر؛ وفي المقدمة يتحدث المؤلف حديثاً عن العلاقة بين البلاغة والإعجاز حين يقول: " إن أحق العلوم بالتعلم وأولاها بالتحفظ - بعد المعرفة بالله جل ثناؤه - علم البلاغة ومعرفة الفصاحة الذي به يعرف إعجاز كتاب الله تعالى؟ " وهو على مذهب القائلين بان الإعجاز إنما يكمن في حسن التأليف وبراعة التركيب، ولكنه ليس كالباقلاني في الفصل بين الحديث عن نظام التأليف وعن صور البديع، وإنما يرى أن الكشف عن وجوه البديع وصور البيان وسيلة لإدراك حسن النظم والتأليف، أي انه يريد ان يتعلم الناس البلاغة ليتكون لديهم الذوق والفهم المسعفان على إدراك الإعجاز " وقبيح لعمري بالفقيه المؤتم به والقارئ المهتدي بهديه والمتكلم المشار غليه في حسن مناظرته وتمام آلته في مجادلته، وشدة شكيمته في حجاجه، وبالعربي الصليب والقرشي الصريح ألا يعرف إعجاز كتاب الله تعالى إلا من الجهة التي يعرفه منها الزنجي والنبطي أو من يستدل عليه بما استدل بها الجاهل الغبي " [1] .
وكتاب الصناعتين حسن التبويب حافل بالأمثلة، سهل المأخذ للدارس، ويحتل البديع فيه أكثر من ثلثه؛ ولكنه صورة عجيبة لعدم الاستقلال بأي رأي ذاتي؛ وليس لأبي هلال فيه إلا تنسيق المادة وترتيبها في فصول والاستكثار من الأمثلة؛ ولقد ينخدع القارئ بالكتاب لأول وهلة لأن المؤلف لم [1] الصناعتين: 1 - 2.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 355